ظهور تنظيم الدولة الاسلامية"داعش"في المشهد العراقي واحتلاله لمدينة الموصل الاستراتيجية، رسخ مكانة رئيس اقليم كردستان"مسعودبارزاني"الدولية والاقليمية بشكل كبير وجعله اكثر قبولا للعب الدور العسكري القادم في مواجهة التنظيم الارهابي والحد من خطره، وخاصة انه يمتلك جيشا قويا ومدربا وله القدرة على انزال الهزيمة فيه، وقد اثبت ميدانيا قدرته على دحر قوات التنظيم في مواقع كثيرة، فهو الان في احسن حالاته السياسية رغم الازمة الداخلية الحادة التي يعاني منها نتيجة الحصار الاقتصادي الذي تفرضه حكومة بغداد على الاقليم ومعارضة الاحزاب الكردية الاربعة لتمديد ولايته الثالثة، ربما ادرك الرجل اهميته في مواجهة "داعش"في المرحلة الحالية، لذلك اصر على مواصلة مهامه كرئيس للاقليم لامد آخر دون ان يأبه تماما لاعتراضات القوى السياسية الكردية.
قد يكون الرجل مصيبا في جوانب من تحليلاته لواقع المنطقة وتعقيداتها عندما يرى انه فعلا تحول الى رقم صعب لايمكن للقوى الغربية والاقليمية ومن ضمنها ايران تجاهله، لذلك كثيرا ما ردد انصاره عبارة كثيرا ما كانت تردد في زمن الانظمة الشمولية وهي ؛ انه لابديل لبارزاني في ادارة الاقليم، وعلى الرغم من فظاظة العبارة واستفزازها لمعارضيه فانها تظهر جانبا من حقيقة ان الرجل بصلاحياته الواسعة وعلاقاته الداخلية والخارجية المتشعبة وتناغمه التام مع الحملة الدولية على الارهاب ضمن اطار التحالف الدولي، فلا احد يستطيع ان ينافسه او يحل محله، فالتعاون بين قوات"البيشمركة" التي يقودها"بارزاني"وبين التحالف الدولي الذي تقوده اميركا والدول الغربية جار على قدم وساق، وعلى اكمل وجه، حتى اصبحت البيشمركة جزءا لايتجزء من التحالف الدولي ضد داعش، واي اختراق ارهابي للحدود التي يسيطر عليه حزب"بارزاني" ــ اربيل وبعض حدود كركوك الحيوية ــ من شأنه استهداف المنطقة باكملها وتهديد المجال الحيوي الاكثر اهمية لايران وهو مدينة"ديالى"السنية التي"تعتبر الطريق الاقصر لطهران وبغداد على حد سواء ولو تمكنت قوات"داعش"من الوصول اليها لشكلت خطرا داهما على ايران وبغداد"الشيعية"، لذلك فان من مصلحة ايران ان لا يخترق"داعش"حدود حزب بارزاني، وان كانت لديها تحفظات على طروحاته السياسية الداعية الى الاستقلال والانفصال عن العراق، ولكن المصلحة تحكم.. والمصلحة المشتركة هي التي دفعت بطهران الى تقديم الدعم العسكري واللوجستي لقوات الاقليم عندما داهمت قوات"داعش" مدينة"اربيل"في شهر آب من عام 2014 اي بعد شهرين من احتلالها لمدينة الموصل، وكادت ان تسقط العاصمة الكردية لولا تصدي ايران وقوات التحالف للزحف الارهابي.
وقد صرح الكثير من المسؤولين الايرانيين بهذه الحقيقة، واعلنوا ان بلادهم منعت سقوط بغداد واربيل بيد"الارهابيين"وعلى رأسهم الرئيس"حسن الروحاني"الذي قال ؛ ان"أمن واستقرار اربيل مهم جدا بالنسبة الينا كما هو امن كردستان ايران"وكذلك صرح الامين العام للامن القومي الايراني "علي الشمخاني"انه لولا طهران لاصبحت بغداد واربيل في قبضة تنظيم "داعش"، وازاء هذه التصريحات لم يقم اي مسؤول كردي بنفيها او تأكيدها ولاذوا بالصمت لغاية اليوم.. "مسعودبارزاني" اذن يكتسب اهمية استراتيجية بالنسبة لايران ووجوده على سدة الحكم يخدم مصالحها بصورة مباشرة، ولكن هذا لايمنع ان تقوم بين حين واخر باثارة حملة سياسة عدائية ضده وتؤلب عليه الداخل من خلال حلفائه واصدقائه في الاقليم، نفس السياسة التي دأبت ايران على ممارستها مع العراقيين عقب سقوط النظام السابق، تدعم وتساند بيد وتفتعل الازمات وتثير المشاكل بيد اخرى.. حتى مع اقرب حلفائه واصدقائه، سياسة لا مثيل لها في المنطقة!&
التعليقات