&رجلان لا يزالان ماكثان بتطلعاتهما الوجودية عند أقدام الكون:&

&علمانيٌ لا يستطع تجاوز عتبة الجنس من دنيا ومفهوم الحرية

&واسلامويٌ لا يزال الوطء بالنسبة له محور غاياته الماورائية.

من المؤكد أن صدمة الحضارة المدنية في بعض الأحيان بدلاً من أن تساهم في الصعود نحو الأعلى حسب المرتجى، قد تعيد ببعضهم الى دون ما كانوا عليه قبل التعرف على المدينة ومباهجها، وفي هذا الصدد يحدثنا فنانين كرديين هما دارا ئستري وسمير إيبو عن نماذج من مثقفي مدينته عفرين، قائلين: بأن هاجس الحرية الفكرية والسياسية لدى رهطٍ من مثقفي المنطقة كان هو كل ما يشغلهم طوال وجودهم في الريف، بل وكان المحيطون بهم يتصورون بأن تلك الزمرة ولمجرد أن ترى الجو الأرحب لممارسة قناعاتها، فلربما سيكون الواحد منهم بمثابة القائد لجيلٍ بأكمله في المدينة، إلا أن صدمة المدينة وإغراءاتها قادت ببعضهم الى أن يصبح قَواداً بدلاً من أن يصير قائدا.

ويبدو أن مفهوم التحرر عند الكثير من "العلمانيين" السوريين محصور بالجنس أكثر من هاجس الجنس نفسه عند اخواننا المشتغلين بموضوع الحواري وملذات الفردوس، إذ وكأن جوهر الحرية لديهم، أي دعاة التحرر، هو أن يجاهر المرءُ بالممارسات الجنسية كالبهائم في كل الأوقات وكل الأمكنة، وهي كدعوة نراها قريبة من التعهر وليس التحرر، وفوق منها يريد مثقفنا المتغربن إفهام الناس وكأن الرقي في التعامل مع الغريزة الجنسية لدى الانسان هي خاصية غربية محضة، وليست خاصية انسانية عامة، محاولين الإثبات من خلال شواهد العُري الحديث، بأن أوروبا هي أم الثقافة الجنسية في الدنيا، بينما باقي العالم كانوا مجرد حميرٍ لا يفقهون شيئاً من أمور المضاجعة والجماع.

&ولكن حتى لا يستمر واحدهم في توقعه بأن الشرقي دون الثقافة الجنسية الاوربية يعيش حالة الانحطاط الجسدي، سنحاول أن نذكره ببعض الحقائق أو النماذج التاريخية التي من المحتمل جداً بأنها قد تزعجهُ، بكونه يعيش نشوة الانبهار الحضاري بكل ما يصدر عن الغرب، كما هي حالة ابن الريف المذهول بالمدينة السورية بعد الانتقال إليها من القرية لأسبابٍ ما، فنقول لأصدقائنا المتغربنين ربما غاب عن بالكم بأن أقدم نص جنسي في العالم ألا وهو الكاماسوترا هو نص شرقي صرف، وهو من إنتاج الفكري الهندي وليس من انتاج اوروبا، وكذلك التاوية لم تولد وتترعرع في سويسرا أو في السويد أو ألمانيا، انما كتبت فصولها الجنسية قبل الميلاد بقرون في بلاد الصين، وحتى الثقافة الجنسية في الاسلام التي لا تقل شأناً عن الثقافات الجنسية لدى الامم الاخرى هي من نتاج الصحراء العربية قبل 1400 سنة، وليس وليدة هذه الايام، ولمعرفة بعض الفلاشات الايروتيكية لدى المسلمين الأوائل، فسنورد للمتغربن بعض الشذرات منها لعلها تساهم في رفع غشاوة الانبهار عن بصره وبصيرته، وهذه بعض الاحاديث المنسوبة لنبي المسلمين ومعاصريه: "لا ترتموا على نسائكم كالبهائم واجعلوا بينكم وبينهن رسولا"، "خيرُ نسائكم التي إذا خلعت ثوبها خلعت معه الحياء فإذا ألبسته اُلبس معهُ الحياءْ"، "لم يُرَ للمتحابين مثلُ النِّكاح"، "عليكم بذوات الأوراكِ"، "إن النساء لُعَبٌ فمن اتخذ لعبةً فليستحسنها" وكذلك قول محمد: "من حالات العجز في الرجل هو أن يُقارب المرأة فيصيبها قبل أن يحادثها ويؤانسها، فيقضي حاجته منها قبل أن تقضي حاجتها منه" وكذلك قول علي ابن أبي طالب" خير النساء الحارقة" أي المرأة التي تغلبها الشهوة حتى تحرق أنيابها بعضها على بعضٍ أي التي تتحروق أثناء الممارسة الجنسية وفق اللهجة العامية السورية وهي المرأة المحمودة في الجماع، وكذلك قول أبو هريرة "إني لأرف شفتها" أي أشرب ريقها، وكذلك خطابه أي أبي هريرة لبنت غزوان التي تزوجها بعد عثمان ابن عفان وهو يقول لها: "والله لا تركبينه إلا قائماً، إلا قائماً" وكذلك ما نُسب لمالك بن أنس بقوله "لا بأس أن ينظر الرجلُ الى الفرجِ في الجماعِ وزاد في روايةٍ ويلحسهُ بلسانه" فهذه الفلاشات المتعلقة بالمضاجعة كانت موجودة لدى أهل الصحراء قبل وجود أفلام البورنو بـ: 1400 سنة.

ولكن يبدو أنه من الشوق المحراق لدى المتغربنين في دعوتهم الواضحة نحو الإباحية والتجريب راح الكثير منهم يختلقون قصصاً شتى لشرعنة مشروعهم الاباحي ومنها قولهم: بأن الحل الإباحي هو سبيل من السبل الفعالة للتخلص من مخاطر المتطرفين الاسلاميين، فيحاول أن يخفي رغبته للتعهر من خلال التخفي خلف ما يروج عن الاسلاميين والهوس الجنسي لديهم، وهو ما دفع ببعض مثقفينا للاستشهاد بممثلات الأفلام الإباحية كحل من الحلول الجذرية لما تعانيه منطقتنا من أزمات حسب تصورهم، مبعداً نفسه طبعاً من أنها هي بالأصل رغبته هو قبل أن تكون رغبة عشاق الفراديس وملذاتها، وصار مثقفنا يُروج لما نُشر على لسان ستورمي دانيال ممثلة الأفلام الإباحية، وقصة رغبتها بمطارحة الغرام مع أي مسلم لديه نية القيام بعملية انتحارية، وأنها مستعدة وفق ما نشر على شبكة التواصل الاجتماعي بأن تقابله في مكانٍ ما بدلاً من الحور العين الوهميات، ولكن شرطها هو بأن يتخلى ذلك المتطرف عن فكرته التفجيرية تلك، إلا أن ما أراه هو أن المنشور من صنع اخواننا العلمانيين من جماعة الشرق الأوسط تحديداً، الذين شل فكرهم هوس الجنس أكثر من جماعة الآخرة، لذا فإن أولئك المنبهرين بكل ما هو غربي فحتى عاهرة الغرب غدت قديسة بنظرهم، من يدري فلربما كانوا هم من أفهموا تلك الداعرة بأن جوهر دين محمد هو الوطء وحده لا غير، باعتبار أنهم يحصرون الاسلام في خانة المضاجعة فقط، باعتبار الجنس هو ما يهمهم من أمر الطرح نفسه ولكنهم يستخدمون الاسلاميين كدريئة لمشروعهم الإيروتيكي الصرف، ناسين بأن الاسلام مثله مثل أي دين آخر وقبل قصة الوحي الإلهي هو منظومة فكرية وثقافة مجتمع بأكمله، ولا يقتصر ذلك الدين على الشق الإيروتيكي وحده، والسؤال لاخواننا العلمانيين فيا ترى هل من الممكن أن تفهموننا ما هو سبب قدوم الداعشي من قلب الدول الغربية التي تتوفر فيها كل فرص الجماع، ومن ملاهيها التي تعج بالمئات من أمثال ستورمي دانيال الحقيقيات، ويلجأ الى الشرق لينتحر في مكان ما هناك؟ وإذا كانت القضية متعلقة فقط بالجماع والملذات الشبقية، فلماذا يترك باحث اللذة ديار الملذات طائعاً ويلجأ الى أفقر وأتعس المناطق في العالم سعياً خلف اللذة الموهومة، أما على هؤلاء المتغربنين توسيع مداركهم قليلاً إذا كانوا فعلاً معنيون بإيجاد الحلول الناجعة للمنطقة التي تركوها خلفهم وهي تتلوى في جراحاتٍ هم ليسوا بريئين منها، لأن الإرهاب لا يتم محاربته بالدعارة إنما بالفكر والعقل والمنطق، هذا إذا ما كانوا مهتمين فعلاً بتخليص الملة من داء التشدد، وليس هدفهم الدعوة الى التعهر المحض، ولكن كما هي عادتهم في التقية السياسية التي مارسوا عقودٍ من الزمان، تراهم هنا أيضاً يخفون رغباتهم الاباحية وسعيهم الدؤوب لتحقيق غايتهم، ولكن بدعوى أنه الطريق الوحيد للخلاص من عواقب أشواق عشاق الفراديس، وبذلك يرمون علتهم في ديار المتطرفين.

عموماً فبالعودة الى شهوة التشبه بالآخر لدى المتغربن فيما يتعلق بكل الجوانب الحياتية، وباعتبار أننا بصدد تتبع خطوات الراعي الذي بوده قيادة العامة نحو مشرب الإباحة، فوددتُ أن أترك الثقافة الجنسية لدى الاقوام البِعاد جانباً، وألتفت الى المناخات الريفية التي عايشناها، بل وأقترب أكثر من بيئة منطقتنا أي عفرين وذلك للوقوف على تجربة أحد أقطاب علوم الجماع فيها، إذ لا نزال نتذكر أحد رجالات قريتنا الراحلين، ألا وهو حسو عليكو الذي كان يتحدث في جلسات الإمتاع والمؤانسة عن مغامراته الجنسية مع زوجاته بطرق حداثوية فيها اثارة وتشويق وتعدد للحركات ربما أكثر من كل ممثلي أفلام البورنو الذين يتباهى بعريهم اليوم دعاة التحرر الجنسي من اخواننا الشرقيين المتغربنين، ولكن على ما يبدو سيبقى حسو متخلفاً جنسياً بالنسبة لهم، باعتبار أن حسو لم يرتقِ الى الحالة البهيمية التي يريدها المثقف، بكونه لم يضاجع زوجاته أو خليلاته في ساحة القرية على مرأى من كل الأهل والأقارب، حتى يكون جِماعَهُ عبارة عن كرنفال جنسي من الكرنفالات التي يتوق إلى المشاركة بها هذا أو ذلك المثقف الشرقي المتغربن.&

ــــــــــــــــــ

المتغربن: هو الشرقي الذي يحاول تقليد كل ما هو غربي وربما المزاودة عليه.