كتب احد الزملاء تعليقا على موقعه في الفيسبوك يدعو الى ان تكون المصالحة الوطنية في العراق الجديد بين متصالحين وليس متخاصمين بسبب اجنداتهم الحزبية، هذا التحليل لواقع النظام السياسي الجديد، يتجاوز حقيقة واضحة، ان هذه الاجندات لا تمثل قادة الاحزاب فحسب بل مشاريع اقليمية وبرامج دولية تريد ان يتحول العراق الى ذات التطبيقات التي سبقته في لبنان ومن قبله في قبرص ومن بعدها في ما عرف بالربيع العربي. لماذا؟؟

&الاكيد ان اي حديث عن المصالحة الوطنية في العراق تتطلب المقاربة ما بين الافكار وادارة الدولة، ولان المجتمع العراقي بتنوعه الاثني والطائفي اولا والطبقي ثانيا، لم يحقق المنفعة العامة من الحكم الجديد الا لتلك الطبقة الجديدة التي تستخدم الاحكام الشرعية للدين الاسلامي الحنيف بعدة اوجه،مرة لترسيخ الجهل الاجتماعي بحتمية اطاعة رجل الدين ودونه الدخول الى جهنم كونه لا يعرف امام زمانه، واخرى لتبرير الفساد الاداري والمالي، بان الدولة تمر بظروف تتطلب من ذلك المواطن هو يتوجه الى صناديق الاقتراع، ينتخب من يحمي طائفته، بل ومنطقته بعقلية تتجاوز متطلبات المنفعة العامة لتحقيق الربح السياسي بانتخاب الاصلح وعدم تجربة المجرب كما دعت الى ذلك مرجعية النجف الاشرف، لكن هذا المواطن العراقي الذي سلبت منه حريته بعد ان تخلص من الحكم الاستبدادي الصدامي ليقع في براثن ساسة يطبقون محاصصة الحواسم، وهي تلك السرقات الكبرى التي هدمت معابد الدولة والتابو الاجتماعي، لكي تتحول الدولة الى نظام المحاصصة والتوازن الوظيفي كمسوغ لمحاسبة من يأخذ رشوة لا تتجاوز قيمتها 3 دولارات فيما يتنعم من يسرق مليون دولار بنظام حماية حزبية تحت سقف البرلمان المنتخب!!

وبالرجوع الى السؤال اعلاه، فان الكثير من الامور التي تحققت في النظام السياسي العراقي بحاجة الى مراجعة، لكن الاختلاف ما بين المجتمع واحزابه القديمة بثوبها الجديد، ان هذا المجتمع عاش ظروف الاحتلال الاجنبي منذ سقوط دولة بابل الثالثة 536 ق. م وانتهى الى الرضوخ للأقوى في مقارنة مع نظرية هوبز الانكليزي ولم يتحول الى نموذج العقد الاجتماعي بالإرادة الشعبية لجاك روسو الفرنسي على الرغم من ان المؤسسات التشريعية تأخذ به من خلال التمثيل البرلماني، وانتهت خلافات الأجندات الحزبية من جهة وعلى ذات الخط المساومات السياسية حكومة المحاصصة من جهة اخرى، الى نموذج مشوه يحتاج الى توليد القرارات بعمليات قيصرية تشابه ولادة حكوماته المتلاحقة منذ انتخابات عام 2005، ولمصيبة الاعظم ان هذه الخلافات هي بين احزاب شيعية اسلامية واخرى سنية اسلامية، بل وحتى الاكراد لديهم قوى اسلامية فاعلة، فهل الخطأ في الاسلام كدين سماوي، ام في الفهم التطبيقي له في نموذج حكم العراق الجديد؟؟

&الفارق بين العراق ومصر ان هناك الف سياسي من نموذج الرئيس المصري السابق محمد مرسي، ربما اسوأ منه او افضل بقليل، لكن ليس هناك اي جنرال عراقي له عقلية المشير السيسي او ذلك الالتفاف الشعبي في ساحات التحرير ومن مؤسسات دينية ممثل الازهر الشريف وبابا الاقباط، فلا مرجعية النجف الاشرف بإمكانها الخروج من معطف حماية المذهب من هجمة داعش، ولا الاحزاب السنية بإمكانها ان تنفي وجود داعش ضمن حاضنة اجتماعية تمثل قواعدهم الانتخابية، وبقية القوى الليبرالية مبعثرة دون تواجد فاعل في مجلس النواب، فكيف يمكن ان تحصل المصالحة الوطنية؟؟

&ما يطرح اليوم ليس باكثر من تطبيب لجراح العراق دون حلول، فهذه الحلول تبقى دائما خارجية تلغي اجندات هذه الاحزاب وتحول الفتاوى الدينية - السياسية من ترويج ثقافة الحواسم من خلال نموذج حكم المحاصصة الى تأكيد حق المنفعة العامة من الدولة للمواطن – الناخب،وحينما تنازل صدام حسين عن نصف شط العرب من اجل اطفاء نيران الثورة الكردستانية ونجح بذلك خلال ساعات، ربما يحتاج العراق الجديد وربما المنطقة مثل هذه التسويات الكبرى، لكن التوصل اليها يتطلب قرارات مفصلية من منظومات الحكم الدولي ربما المتمثل في بالماسونية الجديدة، لاسيما تلك التي تعلن عن نشاطاتها دون مخاوف وتلك مشكلة اخرى!!

[email protected]

&