&
ملحمة قاطيني الاشورية، هي ملحمة تتكون من مقاطع غنائية يليها سرد، وهذه الملحمة تحكي عن قيام قاطيني بقتل الليليثا (أي الجنية) وهو الاسم الذي عرفت به عربيا يقال أيضا الجنية، ولكن تسمية ليليثا هي تسمية ترقى الى العصر السومري ومستمرة لحد الان. ولكن قبل ان يقوم القاطيني الجبار بقتل الليليثا يسبقه ابن خالته خلكو في المحاولة ولكنه يفشل لانه التهى بالاكل ولجبنه أيضا. هذه الملحمة تكاد ان تنحصر وان تزول من الذاكرة الشعبية لانه لم يعد هناك من يغنيها، ولو لم يقم الموسيقار والاديب الاشوري وليم دانيال بإصدار كتابه عنها لطواها النسيان.
بين الموت والحياة، يتراء للإنسان أحلام يقضة يرى انه قد يكون المنقذ الوحيد من الحالة الراهنة. ويجد انه قد ارتقى ليكون قاطيني العصر، ولاجل هذا يطرح شعارات قد لا تتلائم مع الواقع ابدا. صفاء النية لا غبار عليه، ولكن النتيجة تكون حينما يصحوا الانسان من أحلامه هذه، ليجد انه فقد موقع اقدامه حتى، لانه كان مشغولا باحلام يقضته والتي اخذت جل وقته.
الواقع الاشوري المرير، يدفع الكثيرين نحو التطرف في طرح الشعارات، ولكنهم يغلفونها بالقول انها السياسية المعقولة، والسياسية في الحقيقة لا تتطلب الا ان يتم طرح الممكن ولا احد يفرض على احد نسيان الطموح، فالطموحات مشروعة مادامت طموحات، ولكن حينما تتحول الى برامج وشعارات على من يحملها ان يبين طرق وأدوات التنفيذ، أي ان ينزل الى الواقع العملي ليم يجسد ما يطرحه.
لا غبار على القول ان الاشوريون مستهدفون، ولانهم قوة ضعيفة حاليا، فالاستهداف حالة طبيعية في واقع يتسم بالصراع الشديد، حتى بات الكل معتقدا ان البقاء للافضل، وكل من يمتلك ذرة قوة، يحاول ان يستعملها لاثبات انه الأفضل. لا احد يمكن ان يشتري الاشوريون لاشوريتهم فقط، فهذه صفة موروثة تمنحهم التمييز عن الاخرين، وليس في التماييز بكونهم الأفضل. وصفة الأفضل وليس من الناحية الإنسانية ولكن من ناحية امتلاك القوة والمقدرة والامكانية ليكونوا لاعب مهما، هم من يجب ان يصنعوها بيدهم، من خلال وحدة قرارهم والعمل من اجل تحييد الصراعات الغير المجدية والتي أدت في الغالب الى استسهال استهدافهم.
ان ادخال الاشوريين انفسهم او من خلال بعض المغامرين في صراعات غير مجدية ومع قوى إقليمية او جارة هو وأد لحلمهم الطبيعي والمشروع في البروز تحت الشمس كبقية الأمم. ولذا فان إدارة السياسة تتطلب تجريدها من عوامل التاريخ في الغالب، وخصوصا ان هذا التاريخ وبالرغم من كونه مفخرة لهم وللانسيانية الا ان ثقله على كواحلهم يكاد ان يدمر ان رؤية واقعية قادرة على استشفاف حلول ناجعة لواقع ملئ بالصراعات والقوى المتصارعة.
ان ما تطالب به من ضرورة استيقاظ قاطيني الاشوري، ليس مطلبا هجوميا، بل مطلبا معقولا من خلال فهم ماذا نعني بالقاطيني العصري، والذي هو تجميع مصادر القوى لكي نتمكن من ان نكون جزء من القوى المتصارعة والتي تفرض وجودها من خلال هذه المصادر. لان القوة الاشورية ستكون حينها مطلوبة للتحالف معها وليس عالة يحاول البعض الادعاء بالدفاع عن الاشوريين لتسويق اجندته السياسية الخاصة. ان فهم الية الصراع وإعطاء الحق للاخر في العمل من اجل ان يحقق طموحاته، سيعني القدرة على خلق تحالفات واقعية، يمكنها من ان ترسخ الوجود الاشوري في ارضه التاريخية. وهذا الطرح هو البديل لما يحاول البعض اشاعته من شعارت رافضة لوجود الكل بحجة ان الأرض اشورية خالصة. الموقف الاخرين الذي لا يمكن له ان يوسع تحالفات الاشوريين الإقليمية والدولية، باعتباره موقفا عنصريا، يرفضه الواقع القائم على الأرض.
فهل سنجد في القوى الاشورية القائمة الان، توجها عقلانيا، يعمل بخطوات متتالية لتجسيد بعض تطلعات الشعب الحقيقية، ام ان الصراعات من اجل التوافه والانتصارت بعضهم على البعض، سياخذ جل وقتهم؟