عندما قضت كونداليزا رايس بإعادة تقسيم المنطقة حسب التوزيع الطبيعي للسكان مهما كلف الأمر واخترعت مصطلح "الفوضى الخلاقة" أدرك العرب أن الطوفان قادم وسوف يطال الجميع، لكن الشيء غير المفهوم هو كيف تفرقوا فيما بينهم مع أنهم في خندق واحد؟ اقد أدى هذا الموقف من جانب العرب إلى تمكن الولايات المتحدة من إنجاز جزء كبير من مخططها، وأبرزها قيام دولة إسلامية سنية، داعش، ومن ثم التقدم إلى مزيد من التقسيم، حتى يتم وضع سياج حول كل فئة من سكان المنطقة ويطلق عليها اسم دولة. وكان يجب على العرب وضع خطة تكاملية فيما بينهم لتجنب هذا المصير، وعدم استنجاد كل دولة بالخارج، ليكون الرابحان من كل هذه الفوضى هما إسرائيل وإيران.&

لقد كانت لمناورات "رعد الشمال" تأثير ملهم لمن تابعها، فنحن نستطيع أن نفعل الكثير، فقط لو كنا على قلب رجل واحد، ولو لم يكن بيننا منشقون يخدمون مصالح الأعداء أي إسرائيل وإيران، اللتين تحتلان أراض عربية وتسعيان للتوسع، ولا ينبغي أن يكون هناك أعداء آخرون، ولكننا نرى أن هناك أعداء كثيرين خرجوا من بيننا. هؤلاء يجب ألا يقفوا في طريق التكامل العربي، وسيعرفون يوما ما كم أخطأوا وكم ألحقوا من الضرر بأمتهم.&
إن على الدول العربية الاستمرار بما بدأته في رعد الشمال على كافة المستويات، وتحقيق التكامل فيما بينها، لأن الحلفاء الخارجيين غرسوا خنجرا مسموما في ظهر حلفائهم العرب، وخططوا للتقسيم والإطاحة بأنظمة الحكم القائمة بالقوة، وقد ثبت هذا في مختلف الوثائق والدراسات والتحليلات، ونشرتها مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. ولم يعد خافيا على أحد التوحش الأمريكي والغدر والتغول حتى على أقدم حلفائهم، حتى وإن كانت التصريحات الأمريكية تنفي هذا باستمرار، وتقول أن تلك المخططات مجرد وجهات نظر شخصية. كيف تسميها وجهات نظر شخصية وقد تحرك حلف الناتو برمته لقصف العراق وليبيا؟&
ليس للعرب إلا أن يتعاونوا ويحققوا التكامل العسكري والتخطيط السياسي والتنموي، ولن يدافع عن هذه البلاد إلا أصحابها، فلماذا نسمح لبضعة منشقين قبلوا لأنفسهم أن يغدروا بإخوتهم ويدخلوا الطامع التوسعي بينهم أن يعرقلوا خطوات النجاة من هذا الجحيم الذي يريد الأمريكيون أن يحرقوا العرب فيه. لا شيء على أرض الواقع يشير إلى تغير في الخطة الأمريكية، ولا بد إزاء هذا الوضع من خلط الفئات جميعا حتى لا تظل فئة قابلة للتسييج حولها ولا يمكن خلط هذه الفئات إلا من خلال تشغيلها في مشاريع تنموية متفرقة فيعاد توزيع السكان حسب المشاريع التنموية التي يعملون فيها.&
إن نجاح أي مشروع يعتمد على الأسلوب الصحيح ووضع أهداف محددة، وإذا كانت الأهداف هي المشاريع التنموية وتوزيع القوى العاملة في أماكن تلك المشاريع، فإن أهدافا مختلفة ستتحقق منها الثقافي والأمني والاقتصادي. ويجب أن يقتصر توظيف العاملين على ذوي الاختصاص والخبرة، لكي تنجح هذه المشاريع، فهي في الواقع مشاريع تنموية لا يقصد بها أي سوء لأية فئة من الناس، بل هي لخدمة المجتمع برمته.
إن الجهود الرامية إلى الحفاظ على البلاد من الضياع يجب أن تقنن وتنظم بشكل ثابت ودائم وليس عرضي واحتفالي. وهناك الكثير من أوجه التكامل غير الأمني والعسكري والتنموي، واذا وجدت العزيمة بين قادة الدول العربية، فسوف ينجحون في تفويت الفرصة على الوحوش التي تتأهب للانقضاض.&
&