&

عندما نسمع بعض ما ينشر وينتشر في دنيا الاعلام والسياسة العربية، نشعر وكاننا نعيش في عالم، لا علاقة له بالواقع ابدا، فها هنا تنتشر اشاعات عن مقدرات اشخاص، لا يمكن تصديقها عقليا او حتى لا يمكن اثباتها علميا، فهناك من له قوة أربعين رجل في النكاح وهناك البطل الهمام الذي بنى الأوطان ونشر العدل والبس شعبه بعد ان كان حافيا ويقتله القمل والجوع، وهناك الذي ارعب الامريكان ودول الاستعمار. والمثير ان الكثير من هذه الدعايات مبني على أكاذيب ولكن يعاد نشرها وتاكيدها مرة تلو الأخرى، لكي تنزرع في اذهان الناس ويعتقدها حقائق ثابته، الم يقل وزير اعلام هتلر غوبلنز اكذب واكذب حتى يصدق الناس، ولكن هنا تم تحويل ذلك الى اكذب ثم اكذب حتى تصدق اكاذيبك.
كان اخر الابطال او المتأمرين على العرب والإسلام، والذي ذاع صيته وقدراته الغير المحدودة، الصحفي والكاتب والفيلسوف الجزائري المولد الفرنسي الجنسية اليهودي الديانة برنان هنري ليفي، الذي شاعت عنه مقولة يقولها بنفسه ( اكثر شيء اضحكني من &الثوار في ليبيا &هو انهم كانوا يصرخون ويلعنون القذافي ويصفونه باليهودي، بينما كنت انا اليهودي الحقيقي بينهم وهم يحرسونني ). تنتشر هذه المقولة، ليس لتبيان مدى جهل الناس بالاخرين فقط وليس لتبيان مدى كره الناس لليهود من خلال وصفهم عدوهم باليهودي، بل لمحاولة القاء تهمة كل ما يجري في المنطقة على اليهود والصهيونية. &يقول احد الأفلام الدعائية عن برنار ليفي ((أينما مر هذا الرجل الذي عرف برجل الميدان تكرس التقسيم والطائفية وتفجرت الحروب الاهلية ونفذت ابشع المجازر، أفغانستان، داروفور كوردستان، مصر وليبيا، سوريا & )). يمرر هذا الفلم أسماء المناطق والدول وكانه هو سبب مصائبها وويلاتها، ويتناسي ما حدث فيها من الجرائم تصل لحد وصفها بحق جرائم الإبادة. &في ما يصفه تعليق ما بانه الشيطان الذي اشعل وقود القتل في بلاد المسلمين!!! هذه كلها عن رجل واحد &رجل يقوم بكل المهام والمؤامرات وينجح فيها ايما نجاح (رامبو او سوبر مان)، ولا احد يتسأل اذا اين كان القواد &والرؤوساء العرب والمسلمين الاشداء ممن ارعبوا الأعداء وبنوا الأوطان وحرروا الشعوب ونشروا العدل ؟ اين كان علماء العرب والمسلمين؟ اين كان رجال الدين ممن يوصفون بكل اوصفاف التقدير والفخر؟
شخص امن بقضايا مهما كان رأينا فيها، الا ان الرجل كان واضحا، انه يقرن الايمان بالافعال، فتواجد في كل المناطق مساندا هذا ضد ذاك، ولم يخفي ما يعتقده وما يؤمن به. لقد ظهر في الصورة وهو واضح النوايا والاتجاهات، وكل ما قيل وما يحدث كان مثار نقاشات وتقارير صحفية وكتب منشورة، ومع ذلك يأتي البعض وليدلل على المؤامرة الصهيونية واليهودية والغربية، بوجود برنار ليفي. انه غباء &بذاته. وككل المرات تمر الاحداث وتمر التجارب والبعض بدلا من ان يدرس لكي يستمحص ويخرج بنتائج وبدروس لكي لا يقع في الأخطاء المتتالية. يخرجون بالتهمة الجاهزة انها مؤامرة والدليل برنار هنري ليفي.
اعتقد ان الصحفي والفيلسوف برنار هنري ليفي يقول في نفسه الان، اكثر ما اضحكني من العرب والمسلمين انهم رأوا اعمال زعماءهم في تهديم أسس بلدانهم ودور ايديولوجياتهم الكارهة لكل الاخرين في عدم التعلم من تجاربهم الفاشلة ومن تجارب الأمم التي سبقتهم في مضمار العلم والتمدن، وعدم التفكير في الانحراط في المسار الإنساني وبالتالي البدء من الداخل بإقامة مجتمع متحرر، وها هم يضعون اللوم على الغريب في ما يصيبهم من الحروب الداخلية والتخلف الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في اعلان واضح من انهم لن يتغييروا.
يا ترى هل تسأل احد ما عن سبب هشاشة المجتمعات لهذه الدرجة التي بها يتمكن شخص واحد، معلن الأهداف، من ان يقسمها ويجعلها تتحارب وتدمر الانسان والعمران. هل تسأل احد عن سبب قدرة داعش والقاعدة والكثيرين ممن يتصيدون للافتاء والخطابة الدينية من جعل الناس تتبعهم وتأتمر بما يقولوه، رغم غرابته ومخالفته للفطرة الإنسانية. هل تسأل احد ماعن سبب تحول قطعات واسعة من الناس الى مبرري القتل المجاني والاغتصاب. ان عدم اثارة هذه الأسئلة وبشكل علني ونقدي ومحاولة اسكات من اثاره ، يعني لدى الكثيرين، الموافقة على القتل والاغتصاب والتدمير وخصوصا عندما يكون من غير الطائفة او الدين.
يا ترى هل تسأل احد عن أسباب قيام القذافي بصرف مئات الملايين من الدولات في دعم جبهة مورو الإسلامية في الفليبين، وماهي الفوائد الوطنية لليبيا من ذلك؟ &هل تسأل احد عن سبب صرف مئات الملايين لدعم الجيش السري الايرلندي، واذا كان الانفصال على أسس دينية محق ويدعم في الفلبين او ايرلندا الشمالية ولو نكاية بالاستعمار البريطاني، فاذا اليهود محقون في إقامة الدولة على أساس ديني، على الأقل من وجهة نظر المسلمين والعرب، اليس كذلك؟ وهل تسأل احدعن دعم الإرهاب والقيام بعمليات مثل لوكربي والهجود على تشاد ودعم الأطراف المختلفة في السودان والمنظمات الفلسطينية، والأطراف اللبنانية التي نعتت بالتقدمية. الم يكن الشعب الليبي أولى بهذه الأموال، لكي تصرف على التعليم والتدريب المهني وبناء البنية التحتية. الم يحول بعض العرب والمسلمين القذافي الى القائد الملهم وزعيم الامة وصانع مجدها؟
هل كان الأسد عادلا مع شعبه ومكونات سوريا؟، هل كانت قضية فلسطين قضية وطنية ام تحولت البندقية الفلسطينية الى بندقية للايجار للقادة العرب؟، هل كان صدام عادلا مع شعبه ومع مكونات العراق؟، هل راعي حكام الشمال الافريقي المكون الأصيل لهذه البلدان؟ كم من الأموال صرفها القادة العرب في التامر احدهم على الاخر؟ هل الدكتاتورية وتهميش الأقليات وتدمير البنية التحتية التي بنيت بكد الأجيال، ساعدت على بناء شعب موحد؟ هل الأيديولوجية القومية وفرض العروبة على كل المكونات ساعد على وحدة البلدان والشعوب؟ أسئلة كثيرة والاجابة عليها واضحة.
ان البحث عن شماعة او سبب خارجي لكي نلقي عليه تهمة ما نحن فيه، هو اعلان افلاس. فالدول القوية والتي تحترم كرامة وحرية مواطنيها لا يمكن لاي مغامر او لاي دولة معادية ان تخترقها بهذه الصور التي نجدها في المنطقة من تمزق البلد في كل الاتجاهات. أي نعم قد نجد من يكون عميلا مقابل مال ولكنه يقدم خدمات مكتومة وغير معلنة، وما يحدث هو التدمير الذاتي والعودة الى زمن القحط التام. وباستخدام الأيديولوجية الدينية النابعة من المنطقة والتي يؤمن بها غالبية ابناءها.
ان التفتت حدث حينما لم نراعي حقوق الاخر، المختلف قوميا او دينيا، ومع ذلك وفي كل محاولة من هذا الاخر للمطالبة بحقوقه اتهمناه بالخيانة والعمالة، وان لم تصدقوني اسألوا الاشوريين والكورد والامازيغ واهل جنوب السودان ويهود العراق وسوريا ومصر. ان التفتت حدث عندما حاولنا اعلان شأن احد ما لاسباب دينية وليس لما قدمه، حينما تعاطفنا مع الاخر ودعمناه لاسباب دينية وليس لمصالح بلداننا. يقول المثل الاشوري (الجوز يفسد من داخله) والمجتمعات هذه فسدت من داخلها وكانت مهيئة للوصول الى هذه الحالة ولم تكن بحاجة الا الى فعلة مثل ما فعله بوعزيزي &في تونس هذه الفعلة التي اشعلت النار والغضب المكبوت. الذي استغل الاكثرياتا وركب على ظهورها وباسمها السلطة، لم يضظهد الأقليات او المكونات الأخرى، لا ، بل وصل اضطهاده الى الأكثرية لانه سرق وبدد ودمر باسمها، ولكنه لم يمنحها شيء حقيقي لحين انفجرت.
المطلوب من هذه المجتمعات ان تحتفي ببرنار هنري ليفي، وتقيم له التماثيل، لانه كشف هشاشة هذه المجتمعات والدول، كشف كم هي دول فاشلة لم تقم أي اعتبار لمواطنيها، بل دفعت بهم للهجرة والتهجير وطلب المعونة من الاخرين.
&