من المبكرّ&التكهن بالمسارات المحتملة لما ستؤول عليه الانتخابات الأميركية القادمة، ولكن من الواضح جدًّا أن المعركة ستحتدم أكثر من أي وقت مضى، فالمجتمع الاميركي لم&يشهد انقسامًا حادًّا كالذي حدث في الأعوام الخمسة الأخيرة .&ففي السابق&كان من الصعب &التمييز&بين برنامجيّ&الحزبين الديمقراطي و&الجمهوري، لا سيما في السياسة الخارجية&.&بيد أن اتساع الهوّة بين بين الحزبين باتت انعكاساتها واضحة&خصوصًا&اثر ردود الأفعال التي يصفها البعض ب "المتسرعة "&لترامب&بوصفه&رئيس دولة&كبرى&، من خلال الإدلاء بموافقه تجاه الدول و الإعلان&عن&سياسة بلاده الخارجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي &مباشرة.&

ولعل ذلك يفسر لنا سبب خروج&جون بولتون كمستشار للأمن القومي، ليلحق بوزير الدفاع جيمس ماتيس&وكثيرون مما يفضلون الالتزام بالطرق و&الأساليب التقليدية لصنع السياسة&االداخلية &و مقاربة الصفقات الخارجية.&

فرئاسة ترامب شهدت عددا قياسيًّا&وغير مسبوق&من الإقالات&أو الاستقالات&علاوة على التبديلات&بشكلٍ&يطرح تساؤلات عن الاستمرارية السياسية داخل الإدارة ومدى تجانس الفريق الإداري ونجاعة الاستراتيجية المعمول بها &.فقد بات الرجل يسبب إحراجًا لحزبه بما فيهم داعميه الرئيسين من صقور المحافظين . فيما يسعى الديموقراطيون لاقتناص الفرص التي توصف بأنها "ذهبية " والتي من شأنها أن ترجح فوزهم في الانتخابات القادمة.&

لقد انفض كثيرون&من حول ترامب كان آخرهم &بولتون ،&ومن قبله&ماتيس&الذي طرح خروجه من الادارة اسئلة كثيرة حول سياسة أميركا الخارجية في الملفات العالقة كلها،&كذلك خروج&باتريك شانهان والسفيرة السابقة للأمم المتحدة نيكي هايلي، وقبلها وزيرة الأمن الداخلي كيرستن نيلسن، وقبلها وزير الخارجية ريكس تيلرسون&،&ومدير مكتب التحقيق الفدرالي جيمس كومي و&القائمة تطول.&

و&السؤال&اليوم يدور حول الخيارات المطروحة للسنة&المتبقية على&الولاية&الرئاسية&قبل انتخابات 2020.&فالأفضلية &الآن&على ما يبدو ،&ليس لحلّ الملفات العالقة وايجاد حلول لها سواء على الداخل أو الخارج ، بل على الأرجح فإن أولوية ترامب ستكون لرفع الشعارات واطلاق الوعود التي ستؤجج الجماهير وتلهب حواسهم ، وسيحاول عبر وزير خارجيته&مايك بومبيو&استغلال الملفات الخارجية&إعلاميًّا ودعائيًّا ما أمكن&، والتقاط الصور&مع الأصدقاء والخصوم على حد سواء!&سواء عبر زيارة المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، أوإمكانية دعوة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الى البيت الأبيض.&&أما الولوج بتفاصيل الاتفاقات السياسية والصفقات الجادّة،&فهذه&أمور مسبعدة في ظل&غياب دعم الكونغرس&الصريح&وتشكيك الاستخبارات بوعود كوريا الشمالية وحركة طالبان&و إيران.

الفترة القادمة اذن ستكون أكثر احتدامًا بين كلا من الجمهوريين والديموقراطيين وسيسعى كل فريق لتوظيف البريق الاعلامي لصالحه، غير أن ما شهده الداخل الأميركي&الولايات المتحدة&في الانتخابات النصفية&لأعضاء الكونغرسي نوفمبر الماضي،&أعطى&مؤشرًا واضحًا على المتغييرات الجذرية &في قواعد كلا الحزبيين على&حدٍّ سواء&،&حيث خرجت القواعد الشعبية عن رغبات قياداتها من التقليدين الوسط،&و أظهرت النتائج &تزايد سيطرة التيار اليميني عند الجمهوريين، في حين تنامى تيار " شبه يساري " لدى الديموقراطيين &متمثلا ببرني ساندرز &، وعلى الرغم من &ترشح جو بيدن، &إلا ان &المشكلة&لا زالت قائمة في عدم&وجود&مرشّح&ديمقراطي&قادر على استقطاب غالبية الناخبيين الديموقراطين لصالحه.&

بالمقابل فإن الجمهوريين يواجهون عثرات&داخلية&عديدة لا سيما وان الكونغرس&تقوده الآن غالبية من الأعضاء الديمقراطيين&الماضون في&التحرّك ضدّ قرار ترامب بتمويل الجدار على الحدود مع المكسيك من خلال ميزانية الطوارئ&كما يصرّون&على متابعة نتائج تحقيقات موللر.&

وبين تجاذب كل الطرفين&علينا أن لا نقلل من شأن أولئك الناخبون &الصامتون &الذين يقفون في منطقة رمادية،&فلربما هم &من سيحسم نتائج المعركة الانتخابية القادمة!&