درهم وقاية خير من قنطارعلاج:
نظرًا لتزايد أعداد المصابين بعدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وانتشاره بشكل كبير في دول العالم بعد انطلاقه من الصين، اصدرت منظمة الصحة العالمية عدة معلومات ونصائح جديدة وهامة للوقاية من فيروس كورونا الفتّاك الذي أدى لحد هذه اللحظة إلى وفاة أكثر من 4290 شخص وإصابة ما يفوق 118 ألف آخرين بمختلف أنحاء العالم , ومن اهم النصائح والارشادات:

تجنب زيارة الأماكن العامة المزدحمة، وخاصة الأماكن غير المهواة بشكل جيد، المواظبة على غسل اليدين بالماء والصابون أو استخدام المعقمات الكحولية لمدة 20 ثانية على الاقل , الحرص على النظافة الشخصية , التقيّد بالممارسات الجيدة فيما يخص سلامة الأغذية، من قبيل تجنب تناول اللحوم غير المطهية جيداً أو الطعام المعدّ في ظل ظروف غير صحية، وغسل الفواكه والخضروات كما ينبغي قبل تناولها , تأجيل أو إلغاء السفر غير الضروري إلى المدن التي تأثرت بالوباء، تجنب لمس العين أو الأنف أو الفم حال ملامسة اليد لسطح يُرجح وجود الفيروس عليه, و ضرورة المواظبة على مسح الأسطح مثل المكاتب والمناضد والمقاعد، والمستلزمات المكتبية مثل الهواتف المحمولة ولوحات المفاتيح الخاصة بأجهزة الكمبيوترات بمادة مطهرة يوميا.

تعليق الدراسة وتطبيق نظام العمل من المنزل بسبب انتشار فيروس كورونا:
مع استمرار انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم, قامت بعض الدول ومنها مملكة الدانمارك للحد من انتشار فيروس كورونا بتطبيق نظام ( العمل من المنزل ) للموظفين الحكوميين , طبعاً باستثناء العاملين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية الذين يعتنون بالمرضى والمسنّين.

كما قررت الحكومة إغلاق جميع مدارس الدنمارك الحكومية والحضانات والمكتبات العامة والقاعات العامة و مراكز الترفيه من أندية رياضية وملاهٍ ليلية وحانات وأندية القمار وصالات الرقص والسهراعتباراً من يوم امس 11 اذار و لمدة اسبوعين وذالك بعد ارتفاع نسبة المصابين بفيروس كورونا في المملكة إلى 674 حالة..(لحد كتابة هذه المقالة ).

كما أعلنت الحكومة الدانماركية يوم امس 11 اذار, أنها بصدد إعداد تشريع طارئ لحظر كل التجمعات في الأماكن المغلقة لأكثر من 100 شخص، وذلك ضمن الجهود المبذولة داخل المملكة لاحتواء انتشار فيروس كورونا الجديد.

من مات بسبب فيروس كورونا فهو شهيد:
بعد التأكد من الإصابات بفيروس كورنا في اربيل والسليمانية وكويسنجاق انتهت إحداها بالموت , إتخذت حكومة إقليم كوردستان إجراءات احترازية أكثر صرامة للحيلولة دون انتشار الفيروس في عموم الإقليم , وعليه أوعزت الحكومة بحظر جميع التجمعات وإغلاق المساجد ومنع إقامة صلاة الجماعة في كافة مساجد الإقليم ,بسبب انتشار فيروس كورونا في بعض المدن و خضوع الآلاف من المواطنين للحجر الصحي بعد عودتهم من إيران خلال الفترة الماضية.

وتزامناً مع تعليمات حكومة الإقليم بشأن التدابير الوقائية لدرء خطر تفشي كورونا ارتفعت اصوات معارضي القرار الحكومي بغلق المساجد, واعتبروا أن غلق المساجد لم يرد أبداً في الشرع، وان جميع الروايات تجمع على أن صلاة الجماعة لم تتوقف عندما انتشر وباء (الطاعون في عهد عمر بن الخطاب)(1 ).
وعلى الرغم من قرار منع إقامة صلاة الجمعة في إقليم كوردستان , أصر بعض المواطنين على أداء صلاة الجماعة , والتزموا بالتعاليم و الفتاوى الصادرة عن المرجعيات الدينية لممارسة الشعائر الدينية على الرغم من انتشار وباء كورونا، واعلنوا علناً إيمانهم بقدرة الله على الحماية والشفاء من وباء كورونا او اي وباء أخر.

وحسب مقطع فيديو انتشرعلى مواقع التواصل الاجتماعي يظهر مجموعة من المسلمين وهم يصلون أمام باحة بعض الجوامع لايمانهم بفتوى المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان الصادرة في 3 اذار 2020 , والتي نصت على: (مَن مات بفيروس كورونا يعدّ شهيداً ) وذالك استناداً للأحاديث الصحيحة بقول: (من مات بالطاعون فهو شهيد).

وحسب الفتوى الصَّادرة عن المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان وعلى ضوء حديث نبي الإسلام: (أن الطاعون هو المرض الذي ينتقل بالعدوى بين الناس في مكان من الأماكن، وهو غير الأمراض الطبيعية فالطاعون يظهر فجأة وينتشر بين الناس بصورة مخيفة وينطبق الأمرعلى فيروس كورونا،

والشريعة لا تفرق بين المتماثلات، فحكم في من مات بالطاعون مثل من مات بفيروس كورونا).

وباء الجهل:
في الوقت الذي تشير فيه منظمة الصحة العالمية إلى احتمال اتساع وتيرة انتشار كورونا وازدياد عدد الدول التي تكتشف فيها حالات إصابة جديدة , دعا المرجع الديني الفقيه الشيخ قاسم الطائي( وهو أحد مؤسسي التيار الصدري) إلى الاستمرار بالشعائر الدينية من صلوات الجمعة وزيارة المراقد المقدسة، فيما عبر عن قناعته، أن (فيروس كورونا لا يصيب المؤمنين المخلصين في ايمانهم, بل لعله لايصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة , واضاف الطائي ان مواجهة الفيروس تاتي من خلال الاستمراربقيام شعائر الدين ).

إضافة الى الطائي ,هناك عشرات من المراجع وعلماء الدين يستخفون بكورونا ويستخدمون منابرهم المشبوهة وخطبهم المقيته لإقناع المواطنين بان كورونا او اي وباء اخر لايصيب المؤمن الصادق وعليه ليس من الضروري اتباع الارشادات المحلية والدولية للوقاية او الخوف من كورونا.

وفي مقطع مصور، لرجل الدين العراقي الشيعي،الدكتور الشيخ علي السماوي يقول باللهجة العامية العراقية وهو جالس وسط مجاميع من زوارالصحن الحيدري , يقول الشيخ: (هسة جيبولي مريض يحب الحسين ومصاب بالفيروس ابوسه من (حلكه) واكولة فنك تعديني..!, معقولة, شلون تجيني الجرأة ما ابوس شباك الحسين لان بيه مكروب؟ هيكي وصلت الجراءة على الدين؟ خلي عندك ثقة بمعصومك , بدينك , انا احكي عن عقيدة مو طب ـ لاتخاف ولاتخشى ـ الخوف ليس مشروع في كل شيء , ولو خاف اصحاب الحسين من النتائج الحتمية بموتهم , لما شاركوا مع الحسين , لذالك اصبحت رتبتهم اعلى من اصحاب صاحب الزمان ).

وبعد خطبة الشيخ السماوي مباشرة ظهرت على مواقع التواصل الإجتماعي فيديوهات لزوّار يلعقون شبابيك الأضرحة والمزارات في مدينة النجف، في تحدٍّ صريح لقرار السلطات المحلية والدولية الصارمة للحد من انتشار وباء كورونا , وحسب مقطع فيديو انتشرعلى مواقع التواصل الاجتماعي يظهر مجموعة شباب من داخل صحن الامام (علي بن ابي طالب )في مدينة النجف يقولون: (يم حيدر قاضي الحاجات, عيب نلبس كمامات , من كورونا متخوفين ,عندكم تخلف في فهم الدين , حيدر يشفي المتمرضين , هاذي السوالف فلم هندي , ما تعبرعلى الجندي المهدي , هو يعقمنا وما يعدي , هويدخلنا الجنات , نقسم بحسين الي مامات: نلبس عيب كمامات ).نعم..هكذا وبهذه الطريقة يشجِّعون النَّاس البسطاء على الاستمرار في التجمعّات الدينية والعبادة الجماعية التي قد تسهّل انتشار وباء كورونا الذي لا حدود له ولا يفرّق بين الأديان والألوان والأجناس والاعراق والعقائد واللغات والقوميات..

ويبقى السؤال الاهم: من هو المسؤول عن ايقاف هذه الحملات الممنهجة والخطيرة والمدعومة من قبل بعض المراجع ورجال الدين لإنتشار وباء العصر بسبب الجهل والتخلف والعقيدة العمياء؟

اخيراً: إن فيروس كورونا الذي لايرى بالعين المجردة يخلق القلق والهلع و يدمر الانجازات الاقتصادية في كبريات الدول ويعطل التنمية في عصر التكنولوجيا ويهدد البشرية جمعاء نظرا لعدم وجود علاج له حتى هذه اللحظة , فخلال شهرين مات ثلاثة آلاف شخص بسبب كورونا, بمعدل 50 شخص يومياً.

و من المضحك المبكي أنّه ما زال هناك اشخاص في دولنا المنكوبة بأنظمتها القمعية والفاسدة والفاشلة وعلى أعلى مستويات المسؤولية يروجون لـ( ماء مقروء عليه) للوقاية من وباء كورونا والاوبئة الأخرى ,و يشجِّعون النَّاس البسطاء على الاستمرار في التجمعّات الدينية (بصفتهم خبراء متخصصين في كل شيء ) والمشاركة في الطقوس الجماعية من صلوات الجمعة وزيارة المراقد والاضرحة ومزارات الاولياء المقدسة، لان حسب مفاهيمهم وعقيدتهم أن فيروس كورونا او اي فيروس اخر(لا يصيب المؤمنين المخلصين في ايمانهم ).

اختتم مقالي بمقولة مهمة تدعو كل عاقل ومنصف متدين فى العالم للتوقف امامها والعمل بمقتضاها, مقولة قالها الراهب البوذي (دالاي لاما ): ان هدف الدين هو أن تسيطرعلى نفسك , وليس على الاخرين.
ـــــــــــــــــــــ
(1 ) طاعون عمواس: وباء عرف بـ( الداء الاسود ) , يعتبر أول طاعون عرفته الدولة الإسلامية ,وقع في الشام في أيام عمر بن الخطاب سنة 18 هجرية ـ 640 م , وقد سُمي بـ " طاعون عمواس " نسبة إلى قرية صغيرة في فلسطين تقع بين الرملة و بيت المقدس، و ذلك لأن الطاعون نجم بها أولاً ثم انتشر في بلاد الشام فنسب إليها.وقد تسبب طاعون عمواس في وفاة 30 ألف شخص، من بينهم بعض كبار الصحابة كأبي عبيدة بن جراح، ومعاذ بن جبل، وشُرحبِيل بن حسنة، وسُهيل بن عمرو، وعامر بن غيلان الثقفي، وغيرهم, وقد عُرفت السنة التي حدث فيها هذا الطاعون بعام الرمادة للخسارة البشرية الكبيرة التي حدثت.