ظهور اصابات عديدة مرضية في العراق بفايروس "كورونا"، الوباء المتفشي عالميا، كشفت عن حالة التردي العام لقطاع الصحة وتخلف الخدمات الطبية المقدمة الى المواطنين على نطاق الحكومة، وبينت حجم التراجع الهائل الملحق بالنظام العام للصحة مقارنة بالنظام الذي كان سائدا لخدمة العراقيين في ظل الحكم البائد للرئيس المعدوم صدام حسين.

ولا يخفى ان اسباب تدهور القطاع الصحي والطبي والوقائي بالعراق، وتحت ظل حكم ساسة المكون الشيعي بحكم سيطرتهم على الحكومة والسلطات التنفيذية للدولة، تعود الى اتباع نهج متعمد من قبل مصادر القرار السياسي الشيعي لايذاء العراقيين، والسبيل المتخذ لتحقيق هذا السبيل هو فرض الفساد المشرعن لنهب جميع موارد المال العام للشعب.

وكشفت تقارير وشخصيات سياسية منذ سنوات ان مراجع الشيعة (في النجف وقم) قد افتوا بشرعية سرقة ونهب اموال الدولة العراقية بعد سقوط النظام البائد سنة الفين وثلاثة، وذلك تعويضا للشيعة عن الضرر الملحق بهم تاريخيا من نهاية الخلافة الراشدية وبداية الخلافة الاموية الى سنة سقوط نظام البعث سنة الفين وثلاثة، وهذه الدعوة المذهبية قد اخذت طريقها للتنفيذ مع بداية اول ولاية شيعية لرئاسة الحكومة بعد سنة السقوط ومازالت مستمرة، حيث نفذ امر الفتوى بالكامل من قبل رؤساء الوزراء (علاوي والجعفري والمالكي والعبادي وعبدالمهدي) ومن قبل كافة المسؤولين والاحزاب والكتل الشيعية الحاكمة، وعلى جميع الاصعدة والمستويات في الوزارات والمؤسسات والدوائر والاجهزة الرسمية وشبه الرسمية، ولهذا عم الفساد العام جميع مجالات ومفاصل الحكم، وحسب تصريحات رسمية صادرة من ساسة كبار من الشيعة انفسهم فان مجموع ما نهب من اموال العراق قد بلغ اكثر من 350-750 مليار دولار.

والجريمة ان الفساد الحكومي المرتكب شمل حتى الخدمات الاساسية للمواطنين مثل الماء والكهرباء والصحة والتربية، والتقارير الاعلامية كشفت ان هذه القطاعات الحيوية الحياتية قد ضربها الفساد بابشع طريقة، وذلك من خلال نهب كل الاموال المخصصة للمشاريع في الميزانيات السنوية، والمؤلم ان كل ذلك تم بدوافع شرعية وسياسية مبررة للفساد المشرعن من قبل ساسة وحكام الشيعة.

والمشكلة ان ساسة المكون الشيعي وبسبب فرهدتهم لكتل مالية عملاقة من خزينة وواردات وثروات العراق، سمحت بنفس الوقت للساسة والاحزاب المشاركة بالحكم من المكونين السني والكردي بسرقة ونهب الاموال المخصصة في الميزانيات السنوية للوزارات المسنودة اليهم في تشكيلات الحكومات المتلاحقة في بغداد.

والطامة ان سلطة الرئيس الشيعي للحكومة تتحكم بجميع الامور المالية والادارية والفنية والعسكرية العامة للدولة، وبجميع الصلاحيات المخولة وفقا للدستور وحسب المحاصصة الطائفية للعملية السياسية التي زرعت بالعراق على يد الولايات المتحدة والتحالف الدولي والامم المتحدة بعد سقوط النظام البائد.
والاحداث اثبتت ان الاطراف المنتفعة من العملية السياسية الجارية على رضا تام بالفاحشة الكبرى للفساد المشرعن التي تلف رقاب الجميع، والمسوق سياسيا ودينيا وقانونيا، والمسبب للكل هطول كتل عملاقة من الغنائم والأموال المنهوبة عليهم.

ولكن في الجانب الاخر يقابل الفساد المشرعن حالة من البؤس الشديد والحرمان المؤلم والتخلف لاغلب المكونات الشعبية للمجتمع العراقي وطوال سنوات العهد الجديد، حتى وصل الامر الى اندلاع ثورة تشرين الثائرة في بغداد وعموم المحافظات الشيعية الجنوبية، ضد الطبقة الفاسدة الحاكمة التي تدير شرعنة الفساد.

والحقيقة المرة تقول ان فساد المكون السياسي الشيعي المفروض على الحكم لا يمكن القضاء عليه بسهولة، لانه مدعوم سياسيا ودينيا واقليميا ودوليا، ولأنه مستشري في جميع المفاصل الحكومية والحزبية والدينية والاهلية، والطامة ان السلطتين التشريعية والتنفيذية مع الحكومات السابقة والحالية وبجميع رئاساتها فاقدة لكل القيم والمباديء والاخلاق والمثل الانسانية في ادارة الدولة.

والتظاهرات الاخيرة وخاصة في البصرة كشفت غدرا اجراميا كبيرا للحكومة والرئاسة والبرلمان بحق أهالي المحافظة، وذلك من خلال حرمانهم حتى من الماء الصالح للشرب من عقود طويلة رغم توفر الاموال وغزارة الواردات المالية المستحصلة من تصدير نفط البصرة.

فيا لهول الفاجعة ويا لهول الابادة والجريمة العظمى بحق حياة الأغلبية الصامتة من اخواننا الشيعة، وبحق عموم العراقيين، والطامة الكبرى ان الطبقة الحاكمة مازالت تعمل على بلع العراق رغم اندلاع الثورة، ورغم تفشي وباء فايروس كورونا اقليميا وعالميا، ومازال التحالف الشيعي بالحكم لا يؤمن بانتفاضة شباب الشيعة رغم تصحياتها الكبيرة، ومازالت المحاصصة والطائفية والفساد المشرعن والفرهدة تجري على قدم وساق، وامام اعين المواطنين، وعلى عناد الجميع.
ولهذا لا نرى مخرجا في نهاية النفق المظلم، وعسى لفايروس كورونا ان يفتك بالمسؤولين العراقيين الفاسدين، كما بدأ يفتك بالمسؤولين الايرانيين، ولكن هيهات فان النهب والطائفية والفرهدة قد وفرت مناعة قوية لساسة العراق المارقين، ومن حسن حظ الفاسقين نجد ان وباء الفايروس قد منحت فرصة جديدة للطبفة الحاكمة لاعادة ترتيب ملفاتها واوراقها والترتيب لسيناريوهات جديدة للقضاء على الثورة والانتفاضة، والتواصل من جديد بتجديد المحاصصة للاستمرار بجدية اكثر في التقاسم بين ساسة الشيعة والسنة والكرد على الغنائم الكبرى، واما العراقيون وخاصة الشيعة المحرومين فلا بلسم شاف لهم سوى "ركضة طويريج" لتلبية النداء المعاصر للحسين(ع) "هل من منقذ ينقذ العراقيين" من الفساد المشرعن لساسة الشيعة، هل من مجيب نشكو اليه صرخات ضحايا الثورة اكثر من ستمائة شهيد واكثر من عشرين الف جريح، واهات اكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر، حسبنا الله ونعم الوكيل.