إرادة الشعوب قوة وصلابة لا يستطيع فهمها من تربى في ظل الفساد والمحاصصة والإستبداد

على الرغم من تاكيد محمد توفيق علاوي مراراً بتشكيل حكومة عراقية (مستقلة) من وزراء غير حزبيين وخبراءكفؤئين وأكاديميين وشخصيات متخصصة من مهندسين وأساتذة جامعيين يشهد لهم تاريخهم الناصع البياض وسيرهم الذاتية وحسهم الوطني , الا انه لم يوفق في تمرير حكومته بعد ان فشل مجلس النواب العراقي للمرة الثالثة خلال أقل من أسبوع في حسم موضوع منح الثقة للحكومة الجديدة وذالك لعدم اكتمال النصاب القانوني.

ان جميع محاولات علاوي لاقناع الكتل( السنية والكوردية وائتلاف دولة القانون وائتلاف النصر) من التصويت لمنح الثقة لحكومته الجديدة باءت بالفشل , وعليه قدم علاوي مرغما رسالة اعتذار لرئيس الجمهورية ، وتنحّى بموجبها عن تشكيل الحكومة العراقية.

وهنا من حقنا ان نسأل علاوي :

يا سيد علاوي , كنت على علم مسبق بشروط المحتجين في ساحات الاعتصام ، وهي أن يكون المرشح من خارج الطبقة السياسية الفاسدة ، وإن لم يشغل سابقا وظيفة وزير أو نائب أو محافظ، بمعنى لم يتورط بقضايا فساد مالي وإداري , اسأل : الم تشغل سابقا وظيفة وزير في حكومة المالكي ؟ لماذا لم يتحرك ضميرك وتعلن الانسحاب عندما رفضك الشعب علنًا بعد دقائق من تكليفك رسمياً لتشكيل الحكومة العراقية ؟ لماذا لم تنسحب عندما قتل أتباع التيار الصدري الداعمين لترشيحك المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير الذين اعلنوا رفضهم القاطع لترشيحك ؟ لماذا تجاهلت مطالب المنتفضين الشجعان، في وقت الذي كنت تعرف بان مواصفاتك غير مطابق للمواصفات المطلوبة التي طرحتها ساحات الاعتصام؟

عراب صفقة ترشيح محمد توفيق علاوي:

بعد تكليف محمد توفيق علاوي من قبل رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة عراقية خلفا للمستقيل عادل عبد المهدي , اصدر مقتدى الصدر بيانا نشره على حسابه الرسمي في تويتر وقال فيه : (أن تاريخ العراق سيسجل أن الشعب هو من اختار رئيسا لوزرائه وليس الكتل) .

وتزامنا مع بيان الصدر , اصدر المحتجين بيانا رفضوا فيه ترشيح علاوي وطالبوا رئيس الجمهورية ألى اختيار شخصية مستقلة وغير جدلية لمنصب رئيس الوزراء , كما رفع بعض المحتجين في ساحات الاعتصام صورة لرئيس الوزراء المكلف مكتوب عليها مرفوض باسم الشعب ,وهددوا باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال إصرار القوى السياسية الحاكمة على ترشيح شخصيات لا تلبي طموحات المتظاهرين الذين خرجوا للشوارع منذ الأول من أكتوبر الماضي.

وهنا نسأل مجدداً : اذا كان حقا الشعب هو من اختارعلاوي حسب ادعاء الصدر , لماذا قام أنصار الصدر من اصحاب ( القبعات الزرق ) بالاعتداء على المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير ببغداد بعد أن عبروا عن رفضهم لعلاوي كرئيس للوزراء ؟

لماذا قاطعت الكتل الكوردستانية جلسة البرلمان الخاصة بالتصويت على التشكيلة الحكوميةالجديدة؟

حددت الكتل الكوردستانية ، موقفها من حكومة محمد توفيق علاوي من خلال اعلان عدم حضورها جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف كونها غير مقبولة وخاصة بعد ان رشح علاوي اشخاص مستقليين لشغل المناصب الوزارية دون العودة إلى الكيانات الكوردستانية , حيث رشح علاوي كل من القاضي رزكار محمد امين لشغل منصب وزير العدل وشوان ابراهيم طه وهو خبير مالي لمنصب وزير المالية، والمهندس عادل كريم لمنصب وزير التجارة ومنصب وزير الدولة لإحدى الشخصيات الكوردية وهو منصب جديد كان علاوي ينوي منحه للكورد في حكومته الجديدة، اضافة الى استحداث منصب وزير لشؤون العلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، الذي منح الاطراف الكوردية حق اختيار شخص لشغل المنصب .

وحسب تصريح النائب عن كتلة التغيير (كاوة محمد) تعهدعلاوي في لقائه مع الوفد الكوردستاني بالعمل على تحقيق مطالب الوفد الكوردستاني المفاوض , كما وعد بحل جميع المشاكل والخلافات العالقة بين بغداد واربيل وفقاللدستور العراقي , ومن اجل انقاذ المفاوضات أبدى علاوي استعداده (لتوقيع تعهد خطي بشأن إلتزامه واستعداده لحل جميع المشاكل العالقة بين بغداد واربيل , على سبيل المثال لا الحصر: المادة 140 و حل مشكلة رواتب الموظفين وموازنة إقليم كوردستان وصرف مستحقات الفلاحين ورواتب البيشمركة ) , ولكن دون جدوى .

معركة المناصب والمكاسب الحزبية:

أن مفاوضات الاحزاب الكوردستانية مع رئيس الوزراء المكلف أغلقت دون تفاهم لأسباب كثيرة اهمها : ان الية الترشيح التي اعتمدها علاوي لاختيار وزرائه لشغل المناصب الوزارية ومنها المناصب التي كانت ستؤول الى الكورد , رُفضت رفضاً قاطعاً من قبل الاحزاب الكوردستانية وتحديدا من قبل (الديمقراطي الكوردستاني) بحجة انه اي (علاوي) رفض مرشحي الاحزاب والقوى السياسية الكوردستانية لشغل المناصب الوزارية واشترط اختيار أعضاء حكومته من خارج الكتل الحزبية او بالاحرى خارج العملية السياسية ، لشغل المناصب الوزارية في حكومته من جهة ,والغاء دورقادة الإقليم في اختيار من يمثلهم في مجلس الوزراء الجديد من جهة ثانية , ولكن الحقيقة كانت عكس ذالك تماما فالكتل والكيانات الكوردستانية اسوةبالكتل السياسية (السنية وبعض الاطراف الشيعية) اصروا في تفاوضهم مع علاوي على تعيين مرشحيهم للحصول على المغانم المناصب والمكاسب وتمسكوا بالحصص والامتيازات الحزبية كعادتهم .

بعد ان فشل علاوي واعتذرعن التكليف بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة اصبحت الكرة مرة اخرى في ملعب الشعب العراقي لاختيارمن يراه الأصلح لرئاسة الحكومة , فهل يستطيع الشعب ان يسجل هدف الفوز خلال الايام القادمة و (ينتزع الوطن )من ايدي الاحزاب الفاسدة وميليشياتها السائبة والموالية للجارة السيئة إيران ؟

لنتظر ونرى .