في الموروث الشعبي أنه كان هناك شخص يتملق حاكم البلاد بالكذب عليه وإصطناع البطولات له بهدف خدعه والتقرب منه. وقد نال جزاء ذلك حظوة لدى الحاكم الذي عينه وزيرا في بلاطه!. وكان لهذا الوزير شقيق يحسده على ما يناله أخوه من الجاه والسلطان بسبب تلك الأكاذيب ففكر يوما أن يذهب الى البلاط لكي ينافق ويتملق الملك مثل أخيه. فقال للملك " مولاى المعظم رأيت ذات يوم قطة تطير في السماء!!. ما أن سمع الملك ذلك حتى إستشاط غضبا وأمر حراسه بإلقائه في السجن وقال " أيها الأحمق لابد أنك مجنون فكيف تطير القطط في السماء؟!!. هنا حاول شقيق الكذاب أن ينقذه من السجن فتدخل وقال للملك " مولاي الملك المعظم لايقصد أخي أن القطط تطير في السماء، بل يقصد أنه رأى نسرا يخطف قطة ويرفعه الى السماء، وهكذا خيل اليه أن القطة تطير!. ثم مال الى اذن أخيه وقال له " أيها الأحمق عندما تكذب تعلم كيف تزين الكذبة حتى يصدقك الآخرون!!..
لم نكن نعرف ماذا أراد السيد مسرور البارزاني من اطلاق ذلك التصريح الخطير في خطابه بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك حين أشار الى أن حكومته ترزح تحت وطأة ديون تبلغ 27 مليار دولار؟!. فهل كان يريد أن يقول لشعبه بأن حكومته تواجه أزمة مالية حادة وبذلك لاتستطيع أن تفي بإلتزاماتها تجاه دفع رواتب موظفيها المتأخرة منذ أربعة أشهر، أم كان تصريحه لحاجة في نفس يعقوب لا ندري بها؟!!. لأنه لم تكد تمر إلا بضع ساعات حتى خرج مساعده للشؤون المالية ووزير المالية السابق بحكومة الإقليم السيد ريباز حملان ليؤكد من على شاشة التلفاز " أن حكومة السيد مسرور البارزاني ليست مدينة ولو بسنت واحد لأي دولة أو بنك خارجي أو أية شركة، ماعدا أنها ملتزمة بـدفع 11 مليار دولار عن الرواتب المسقطعة للسنوات الأربعة الماضية من الموظفين، وبضعة مليارات أخرى هي مستحقات الشركات النفطية المستخرجة للنفط، مشددا ومؤكدا " أن حكومة الإقليم إستدانت فقط خمسة مليارات دولار من تركيا لتمويل رواتب موظفيها ولكنها دفعت جزءا كبيرا منها ولم يتبق الا نزر يسير ستدفعها الحكومة لاحقا!!!.

عودتي الى إثارة هذه المسألة مجددا هو ما نشره بعض أنصار حزب البارزاني تعليقا على مقالي السابق، وإستفزني تحديدا عبارة وردت في تعليق أحد الأشباح الذي لم يذكر إسمه حين تحداني بإعطاء الدليل على ما قاله رئيس الحكومة حول تلك الديون. ولكن على الرغم من أنه ليست هناك حاجة للإتيان بدليل على ما قاله السيد مسرور البارزاني لأن خطابه متلفز وسمعه الملايين من أبناء شعبنا باللغة الكردية، وهو موجود مترجما الى اللغة العربية في موقع ( باسنيوز ) التابع لحزب السيد مسرور البارزاني، وأضع بنهاية المقال الرابط الخاص بالخطاب المترجم حتى يتبين صدق مقالي وكذب وإفتراءات المعلقين الذي لا يتجرأون حتى من كشف أسمائهم الحقيقية في حين أنني أكتب بإسمي الصريح وأنتقد السلطة البارزانية في عقر دارهم، فلا أعرف لماذا يتخفى هؤلاء وراء أسماء مستعارة في حين أنهم يستلمون المعلوم جراء ملاحقة مقالات الكتاب المعارضين لسلطة البارزاني؟!؟!

الحقيقة مؤلمة دائما، خاصة حين يتعلق الأمر بخذلان وفشل شخص ما في إدارة نظام حكم، والمشكلة الأساسية عندي هي دائما تصرفات الحاشية المحيطة بالمسؤولين، فهؤلاء كما قال عنهم الامام العادل عمر بن عبدالعزيز ( ما أفسد الملوك الا حاشيتها )، فهم لايريدون لملوكهم أن يسمعوا أي صوت معارض لهم، ويصورون الوضع دائما على أنه ( شام شريف ) كما ذكر أحد المعلقين على مقالي السابق، وبذلك فهم يدفعون أولياء نعمتهم الى إرتكاب الأخطاء الفظيعة ليحفروا قبورهم بأيديهم.

والغريب أن السيد مسرور البارزاني قالها بشكل واضح وجلي في ختام خطابه أنه " يطلب من المثقفين أن يبدوا ملاحظاتهم وإنتقاداتهم بما يساعده على تجاوز هذه المرحلة العصيبة، وقد فعلت ذلك نزولا عند رغبته، ولم أكن أتوقع هذه الردود السخيفة من أعوانه والتي ذكرتني بحالة أخرى قرأتها في مكان ما، حيث يروى أنه كان هناك رئيس عشيرة يعتبره أتباعه بمثابة الإله، حتى أنهم كانوا يدعونه بذلك جهارا.

فلما إلتقى أحد الصحفيين الأجانب برئيس تلك العشيرة سأله " سمعت حارسا ببابك يقول بأنك الله فماذا تقول عن ذلك؟!. فأجاب الرجل " أستغفر الله العظيم ما هذا الإفتراء، أنا لست سوى عبد من عباد الله. ولما خرج الصحفي من عند رئيس العشيرة لقي ذلك الحارس بالباب وقال له " يا رجل لقد سألته فإستعاذ بالله من هذا الإدعاء. فأجابه الحارس " انه كاذب، هو الله، أراد ذلك أم لم يرد؟!؟؟!!!...
الرابط الخاص بكلمة السيد مسرور البارزاني في موقع ( باسنيوز ) العربية...............
http://www.basnews.com/ar/babat/605801
النص الكامل لكلمة رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني
عربية basnews 22/05/2020 - 23:08 أخبار/كوردستان
مقتطفات من كلمة السيد مسرور البارزاني :
أيها المواطنون الكرام:
- إن على حكومة إقليم كوردستان ديوناً بقيمة 27 مليار دولار، الجزء الأكبر سببه الحكومة الاتحادية نتيجة عدم إرسال ميزانية إقليم كوردستان من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، وللأسف لا تمتلك حكومة إقليم كوردستان أي احتياطي اقتصادي، وعلى هذا الأساس فإننا نعتمد على الموارد المالية التي تردنا شهرياً، وهذا يعني أننا سنواجه مشاكل في كل أزمة اقتصادية وهذه الحقيقة يدركها معظم المختصين وهي ليست خفية على أحد. ولكن من المحزن أن يتم تجاهل هذه الحقائق والقضايا السياسية والوطنية كلها، ويقتصر التركيز على الرواتب ليس إلا في الوقت الذي نعلم فيه جميعاً مصادرها.
- لكي نضعكم في الصورة، كان الوارد الشهري من بيع النفط في وقت ما، يبلغ 700 مليون دولار ويتم صرف أكثر من 400 مليون دولار على استخراج النفط ونقله وسداد الديون، ولم يكن يبقى لخزينة الحكومة سوى 300 مليون دولار. كذلك لم نكن نستلم من بغداد غير 383 مليون دولار كرواتب، إلا أن هذا المبلغ لم يكن يكفي مما يضطرنا لاستكماله مع جزء كبير من الإيرادات الداخلية عدا المصاريف اللازمة للخدمات، ومع ذلك كان هناك عجز مالي قدره 60 مليون دولار.