يقود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معركة ضارية ضد الديمقراطيين و قد بدأت هذه المعركة منذ تولي ترامب الرئاسة و تزداد وتيرتها و شراستها مع قرب الانتخابات.
و قد أحدثت سياسة الرئيس منذ توليه فجوة بينه و بين الإعلام الأمريكي فأصبح حسابه على منصة تويتر هو نافذته الإعلامية الموثوقة.

و ربما كان واضحا لدى ترامب و فريقه محاولات الديمقراطيين تسييس الخطاب العام الأمريكي عبر لوبي شركات التكنولوجيا و التي تعتبر في أساسها ذات روح ديمقراطية يسارية.

إن مناوشات تويتر مع الرئيس ترامب قبيل الانتخابات الأمريكية ليست مصادفة و توقيتها ليس عبثيا، بل هو بالطبع يهدف لتاطير خطاب ترامب الإعلامي في هذا التوقيت الحساس.

و إذا أضفنا لمسألة حساسية التوقيت مسألة أخرى متعلقة بحرية الرأي و التعبير و التي تعتبر حقا دستوريا مقدسا مكفولا للأفراد، مما يجعل إشارة تويتر على تغريدة الرئيس نوعا من التحكم و المساس بهذا الحق.

و نعود لجزئية التوقيت مرة أخرى، فنجد أن ما حدث على تويتر تزامن مع تشكيل مجلس حكماء فيسبوك و الذي ضم في عضويته شخصيات معروفة بالتطرف من أمثال توكل كرمان. حيث يملك هذا المجلس صلاحيات الرقابة على المحتوى، و هنا تتضح الصورة الكاملة و تفهم اللعبة.

جاء الأمر التنفيذي للرئيس ترامب بعنوان مكافحة الرقابة على الإنترنت و يشير إلى رفع الحصانة القانونية المقدمة من قانون آداب الاتصالات رقم سبعة و أربعين U.S.C. § 230 الصادر في عام 1996م و يشير بوضوح إلى حماية حرية الرأي و التعبير كحق مقدس، بحيث لا تطال شركات وسائل التواصل الاجتماعي أي مساءلة قانونية بسبب ما ينشره المستخدمين و تعامل الشركات بناء على مبدأ حسن النية المنصوص عليه في القانون. و يعني هذا بلغة القانون أن شركات التواصل الاجتماعي هي منتديات تعرض فيها الأفكار مع وجوب عدم مخالفة شروط الخدمة، و بذلك فإنه عندما وضع تويتر إشارة لمراجعة الحقائق على تغريدة الرئيس ترامب يكون قد انتقل في المفهوم القانوني من كونه منتدى ليصبح ناشراً، و هذا التوصيف يجعل تويتر يعامل كما تعامل دور النشر على سبيل المثال، أي أن يكون مسؤولا عن ما ينشر خلاله لأنه في النهاية استخدم خاصية التحكم و أصبح طرفا له موقف من المحتوى المنشور.

لا شك أن مسألة تحرير محتوى الحسابات من قبل إدارة شركات وسائل التواصل الاجتماعي هو أمر مكلف و غير فعال و لا يمكن إيجاد مؤشرات قياس لآداء تلك الشركات في الرقابة على المحتوى.

و لكن فيما يبدو أن الديمقراطيين فهموا لعبة وسائل التواصل الاجتماعي و دورها في خلق التأييد على نطاق أكثر اتساعا، فكانت البداية بوضع إشارة مراجعة الحقائق على تغريدة الرئيس و كأن تويتر يقول أنه هو الذي يملك الحقائق! و كان هذا ضررا بالغا الحقته إدارة شرك تويتر بالحياد و حرية التعبير و رقابة انتقائية زعزعت ثقة المستخدمين.

إن الأمر التنفيذي للرئيس ترامب سيجعل وزير العدل وليام بار يضعه موضع التنفيذ لصياغة مشروع قانون يقدم للكونغرس لتعديل القسم 230 من قانون آداب الاتصالات و سوف يقدم خلال 60 يوم وزير التجارة الأمريكي مع وزير العدل طلبا للالتماس للجنة الاتصالات و التكنولوجي بمجلس النواب بالكونغرس لتفسير مبدأ حسن النية الوارد في نص قانون الاتصالات، و يتوقع أن ينتج عن تمرير هذا التعديل التشريعي أضرار اقتصادية لشركات التواصل تتمثل في مراجعة سياسات الوكالات الفيدرالية في استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة دعائية.

و في الواقع فإن السياسات المتقلبة غير الموحدة لإدارات شركات التواصل الاجتماعي في حجب المشاركات غير المخالفة لشروط الخدمة أو الإشارة عليها هو أمر يثير القلق بشأن مستقبل حرية الرأي و التعبير على شبكة الإنترنت.