كما هو معلوم ان صَانعي التطرف والإرهاب اعتمدوا في بِناء قاعدتِهم على الفّكر وكيفية التلاعب بعقول الاخرين لتجنيدهم بسهولة مُطلقة ، بالتأكيد غياب رعاية المجتمعات وعدم الاهتمام بالحوار الجاد ما بين فئات المجتمع والاديان والاقليات والقوميات كان عامل مُساعد في انهيار الحاضر وَهد جسور المستقبل ، استغلَ مؤسسي انظمة التطرف والعنصرية هذه الثغرات بسياسة مُمنهجة لتقوية نفوذهم في الكثير من دول العالم وبالتالي استمرار الحروب والدمار وقَتل الانسان ، وهو ما حصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا ودول اخرى .
ان ثروة العقل أساس متين لفتح آفاق ورؤية ناجحة للمستقبل من خلال الاعتماد على خزائنها ، مَنبر تَستمد منها نوافذ الأمل والسلام ثقتها بان الغد سيكون أفضل ، بدونها ستُصبح الفوضى عارمة ، لم يّشهد التاريخ المُعاصر والحديث ان القضاء على التطرف والارهاب يتم عَبر السلاح ، جميع الوقائع تدل ان انهائها مرتبط بشكل اساسي ببناء الانسان وارشادهِ لِمنطق الحكمة والعقل ،الاعتماد على نشر ثقافة الوعي وتنمية المجتمعات ركيزة اساسية لنشر السلام ، لا بد من وجود فكر ناضج لامتصاص هفوة الفكر المتطرف وإعادتهِ إلى طريق الصواب ، ذاك يتم بِلقاء الشخصيات الدينية والاجتماعية والمهنية والثقافية الفاعلة في المجتمعات تحت سقف الانسانية والعيش المشترك ليكونوا بذلك نموذجاً للتأخي والتسامح ، ستستمد منهم الاجيال ثروتهم الفكرية وتطويرها . ربما الامر ليس في غاية السهولة ويحتاج الى جهد ومتابعة وعمل دؤوب ، لكن يبقى افضل من السلاح الذي مهما استطاع ان يقضي على جزء من الارهاب فَسيخلق ارهاب مُضاد اخر ، وهو ذاته سلاح اخر تنتهجه بعض القوى الخارجة عن القانون لتتلاعب بعقول الاخرين كنوع من ترميم هزائمِهم .
ما يجري في الشرق الاوسط من حروب زاد من الفُقر والجهل والضياع بين الحقيقة والوهم ، باتت الكثير من الشعوب تَفقد الثقة بالمجتمع الدولي الذي بات عاجزاً عن تحمل مسؤولياتهِ وإيقاف هذا الانهيار ، تلك العوامل تؤثر سلباً على داخلية الانسان وتضعهُ في قفص التوهان والضعف امام اي مؤامرة تستهدفهُ لاستغلالهِ ، الارشاد والتوعية والحوار عوامل مُهمة كخطوة اولى لِضماد هذا الجرح ، دوماً رَسم اي مخطط للبناء يحتاج الى قلم وخط مستقيم ليبدأ ، ما زال الامل مُمكناً وبقوة لبناء الغد إذا كان هناك اصرار بان الانسانية والسلام لا بد ان تكونا في امان .

كاتب وباحث سياسي