من بين عوامل، فشل التدخل العسكري الغربي في أفغانستان البينة، انه مع بداية غزو العراق سنة 2003، نقلت امريكا خبراءها الأكفاء، و العتاد العسكري التكنولوجي الأكثر تطورا، من أفغانستان إلى العراق، على أمل، أن يتولى المشرفون على القواعد العسكرية للحلف الأطلسي، زمام القيادة بدلها في الميدان الأفغاني.

لكن الذي ولد الخيبة، ان هؤلاء ليس لديهم خططا فعلية معدة، لإحلال السلام، والأمن في ربوع البلد المدمر، وبناءه من جديد. بعيدا عن هذه الاوليات الحيوية، الشيء الوحيد، الذي كانت جيوش الحلف الأطلسي، محافظة عليه، هو السير الإداري لعمليات المسح العسكري الروتيني في حلبة المنواشات مع من يسموا بمجاهدي طالبان.

لقد فشل أقوى تحالف غربي عسكري، في واحدة من أفقر البلدان، واكثرها في العالم، عانت من ويلات الحروب الأهلية والخراب، والحقيقة الصارخة، لم يكن اصلا هناك، منحى حقيقي لإعداد الاجواء ولإعمار المدن أو تشييد بنياتها التحتية، في خطط أدمغة البيروقراطية العسكرية المنتشرة في اهم نقط تضاريس أفغانستان الاستراتيجية وعلى مدار عقدين.

كان هناك نقص، في التفكير الاستراتيجي الشامل للنهوض بالبلد، وفي استحضار المؤهلات التدبيرية السياسية لتشييده. في خلاصة، كان محض تواجد عسكري قائم، رازح على كاهل أفغانستان المدمرة، بذريعة مطاردة مزيدا المنظمات الإرهابية حتى مخابئها، بحيث لم يكن التحالف الغربي الأوروبي يستطيع تحقيق أي شيء، دون المظلة الأمريكية الواقية واقتراحاتها وارتسامتها.

فان كانت الجيوش الغربية، قد أضاعت الهدف في حربها على طالبان، وانسحبت، فشعب أفغانستان بدوره، خسر أكثر من أي كان.

وهناك، من يعتقد أن حربها التي استمرت عشرون سنة في تخوم أفغانستان، لم تكن ضرورية، وأن هذه الجيوش الغربية، كان بإمكانها التراجع للخلف، في وقت ما، و ترك ولو فسحة للحوار السياسي، أيضًا، لإخلاء أفغانستان من أتباع تنظيم القاعدة الإرهابي، بالطرق الدبلوماسية والمكافآت السخية لزعماء طالبان.

اذا عدنا إلى الوراء، فقبل دخولها البلد الأفغاني، لم تكن بالنسبة لهم، جماعة طالبان أبدًا العدو المطلوب، ولم تكن حينها منظمة إرهابية، لقد أدت هذه الاخيرة، ثمن اعلان الحرب عليها دوليا، لأنها تعنتت و سمحت، بوجود منظمة القاعدة الإرهابية، وزعيمها ابن لادن بين ظهرانيها، مند أواخر التسعينات، حتى اغتياله على يد الأمريكان.

على أي حال، لقد صارت طالبان الآن، قادرة تقريبا على استخدام كل الاستثمارات الدبلوماسية، في إعادة تشكيل صورتها الجديدة وتحالفاتها التي تقوي مكانتها في عيون أعداءها القدامى، ولقد بدؤا يحققون مند هذه السنة، نجاحات مفاجئة لم تكن في الحسبان !!، دون التفريط طبعا في التمسك بتطبيق السياسة الشرعية حسب فهمهم.

فلقد صارت طالبان، بالنسبة لباكستان ما يمثله حزب الله اللبناني بالنسبة لإيران، وهكذا تكون باكستان، قد انتصرت لمصالحها، لأن الغرب الاوربي والأمريكاني، تجاهل دورها في أفغانستان لسنوات عدة، وتتويجالمجهوداتها يعتبر وصول طالبان للسلطة نجاحًا لجهاز المخابرات الباكستاني.

وبما أن الصين وروسيا، يريدان القضاء على كل اشكال التطرف الأصولي الديني، من الانتشار في مناطقهما الحدودية؛ كلاهما صار ينظر الآن، لاستيلاء طالبان على السلطة بإيجابية، وكشريك متعاون؛ ثم لقد لاحظنا فيما فات، من توترات المنطقة، كيف تفاوض كذا مرة، النظام الإيراني عسكريًا مع طالبان، لمحاربة داعش.

و توصلت مؤخرا الصين إلى اتفاق مع طالبان، يقضي بعدم دعمهم للحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، التي تسعى لفصل إقليم اغلب ساكنته مسلمة عن الصين.

وحسب بعثة الأمم المتحدة، للدعم في أفغانستان (أوناما) فلقد قدمت لطالبان خريطة مفصلة لجميع مواقع الأمم المتحدة من أجل تجنب حوادث التعرض لعا مستقبلا.