فوز الرئيس مسعود برزاني بحزبه الديمقراطي باعلى المقاعد النيابية في مجلس النواب العراقي على صعيد الاقليم، يترتب عليه مسؤوليات كبيرة ومهام جديدة على عاتقه وعلى عاتق الحكومة التي يديرها نجله مسرور وعلى عاتق الرئاسة التي يرأسها ابن اخيه نيجيرفان، ولا شك فان هذه المسؤوليات والمهام تشكل واجبات دستورية على السلطة الكردية التي يديرها البرزاني وافراد عائلته، وعليه تحقيقها بحكمة من باب اخلاقي وسياسي وبجدية وفاعلية، وهي تأتي ضمن اطار معالجة المشاكل والازمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها شعبنا الكردي في العراق.

وبحكم الفارق الكبير في عدد الكراسي البرلمانية التي فاز بها حزب البرزاني مقارنة مع الاحزاب الكردية الاخرى، فان الموقع السياسي لرئيس الحزب الديمقراطي يزداد من حيث الدور والتأثير الفعال على العملية السياسية التي تتحكم بنظام الحكم في بغداد، خاصة بعد المبادرة بارسال وفود الى الاحزاب الكردستانية للتباحث والتشاور عن الدور الكردي في العاصمة الاتحادية، ودراسة تشكيل تحالف بين الاحزاب الفائزة بمقاعد نيابية في مجلس النواب وذلك لتوحيد البيت والقرار والموقف السياسي للمكون الكردي امام المكونين الشيعي والسني في البرلمان والحكومة، وأمام الادوار الاقليمية السارية في المنطقة.

ومن هذا المنطلق، فان الضرورات السياسية الكردية العاجلة تحتم على الرئيس مسعود برزاني تحقيق الاهداف والمهمات الاستراتيجية التالية على صعيد اقليم كردستان:

(1): الوقف الفوري لعمليات تحويل القطاعات الخدمية العامة الى القطاغ الخاص، كالصحة والتربية والتعليم العالي والكهرباء والماء والسدود وغيرها، والابقاء عليها ضمن القطاعات الحكومية والثروات والممتلكات العامة للدولة والشعب، والمنع الفوري من خلال اتخاذ اجراءات عاجلة للقضاء على الاساليب الجشعية المتسمة بالقرصنة والملاعبة اللاوطنية التي تتبعها الشركات الاهلية لامتصاص وتفريغ ثروات واراضي وممتلكات المال العام.

(2): تأميم جميع قطاعات الصحة الاهلية من مستشفيات ومراكز طبية وصحية، واعادة تنظيم القطاع الصحي الحكومي وفقا لبرنامج وطني معد بعناية ومسؤولية لحماية ولرعاية صحة مواطني اقليم كردستان.

(3): تأميم جميع قطاعات التربية والتعليم العالي، واخراج القطاع الخاص والشركات الاهلية منها عموما.

(4): منع الاستثمار في القطاع العقاري، وتأسيس شركة مساهمة وطنية برأسمال لا يقل عن ملياري دولار بين الحكومة وافراد الشعب للقيام ببناء المشاريع السكنية وفق شروط مناسبة وملائمة للحالة المعيشية والحياتية والمالية للمواطنين وبالتقسيط المريح.

(5): بذل جهد وطني عالي لتأسيس مصرف مركزي خاص باقليم كردستان، تجمع احتياطاته المالية من تبرعات اجبارية بنسبة 10-25% من ثروات اصحاب رؤوس الاموال بالاقليم ومن الخزائن المالية التابعة للحزبين الحاكمين والعائلتين الحاكمتين.

(6): القضاء على السياسة العنصرية المتبعة من قبل الحكومة والحزبين الحاكمين بجعل الغني اكثر غنى والفقير اكثر فقرا، واتاحة فرصة العمل بالتساوي امام الجميع، واتباع سياسة المساواة وتكافوء الفرص امام جميع المواطنين.

(7): وضع برنامج وطني سنوي من قبل الحكومة لخلق فرص العمل للشباب والشابات في القطاعين العام والخاص، وبرنامج لتعويض الشواغر السنوية الناتجة عن تقاعد الموظفين وحسب الملاكات الرسمية.

(8): انشاء صندوق وطني براسمال لا تقل عن 10 مليار دولار بمساهمات اجبارية من خزينة الحزبين الحاكمين والعائلتين الحاكمتين ومن الخزينة الشخصية للرئيس برزاني واولاد المرحوم طالباني، ومن الشركات واصحاب الاموال من الاثرياء والمسؤولين والموظفين الكبار، لاعادة الاموال المنهوبة من قبل الحكومة من الموظفين باسم الادخار الاجباري القمعي طوال سبع سنين عجاف.

هذه باختصار الاجراءات الضرورية لتخليص المواطن من جشع الحكومة والاحزاب والعوائل الحاكمة واصحاب المال الحرام والقوة والنفوذ، خاصة وان سلطة الحكم بشقيها الرئاسي والحكومي باتت تنفذ فقط اجندات الشركات الخاصة موفرة لها اموالا طائلة من خلال نهب وسرقة الاراضي والثروات والممتلكات العامة، ولا ينكر ان هذه السلطة للبرزاني والطالباني تحولت الى ند وخصم وعدو لدود للشعب الكردي، وباتت تسحق وتفرهد كل الحقوق الانسانية والمادية والدستورية للمواطنين، والمثير انها بدأت بغطرسة جديد وهي تحويل حياة عامة الكرد الى جحيم معيشي بفعل الاسعار النارية المتصاعدة التي ترتفع كل يوم وكل ساعة للمواد الغذائية والادوية والعقاقير والوقود والكهرباء والماء وغيرها من الحاجات الاساسية الضرورية، وكأن المواطن صار عدوا بغيضا امام الحكومة والرئيسين والحزبين والعائلتين الحاكمتين، فلا بد من انتزاع حق الحياة منه، وسحب كل المقومات الحياتية والمعيشية منه، صغارا وكبارا، ونساءا ورجالا، وشبابا وشيوخا، حتى بات المواطنون الكرد من المغضوبين عليهم والحكومة تنزل عليهم نارا حامية.

والمؤكد ان نتائج انتخابات العاشر من اكتوبر اثبتت ان السلطة الحاكمة من احزاب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني والتغير لا تمثل اغلبية الشعب الكردي بدليل ان اكثر من ستين بالمئة من الناخبين قاطعوا الانتخابات، وما حصلت عليه الاحزاب الحااكمة اقل من اربعين بالمئة، وهذا تمثيل نسبي لا يمثل حق السلطة بالحكم العام على المواطنين، فلا بد من اعادة نظر بدور الاحزاب، ولا بد للمرجعيات السياسية الكردية ان تبدأ بمحاكمة نفسها وتنبذ سياستها العدائية ضد الهوية والمواطنة الكردية، وتعيد مسارها الى الصواب، لا سيما وان مسعود برزاني الذي يفاخر به بانه مرجع سياسي للاقليم لا بد عليه ان يحاسب نفسه وذويه من الحكام والرؤساء الفاسدين الذين جلبوا جحيما من غلاء الاسعار للمواد والحاجات الحياتية الرئيسية ولاسباب المعيشة في حياة مواطني الاقليم، وعليه ان يبدأ بخطوات جدية وعملية لانقاذ الاقليم من حالة التدهور التي يسببها نجله رئيس الحكومة ونائبه ورئيس الاقليم، والا فان الوضغ المعيشي والحياتي في طريقه الى الانفجار، وهنا لا بد من التاكيد الاخلاقي والدستوري على الحكومة الاتحادية ورئاسة الجمهورية ومجلس النواب التدخل الفوري في ما يحصل باقلييم كردستان من غلاء وارتفاع عالي متقصد باسعار المواد الغذائية والادوية والعقاقير الطبية والنفط الابيض والوقود ومحرقات السيارات وغيرها، وفرض صعوبات وخلق ازمات معيشية وحياتية للمواطنين من كرد العراق، وكل ذلك بسبب طغيان الحزبين الحاكمين للبرزاني والطالباني وفسادهما الرهيب الذي لا وجود لنظيره في العالم.

حسبنا الله ونعم الوكيل، والله من وراء القصد.