اكبر خطأ ارتكبه العراقيون والكرد بشكل خاص عند كتابة الدستور ان سمحوا للأحزاب الشيعية باعطاء الصلاحية الواسعة التي تشبه صلاحيات القائد المفدى الأوحد في النظم الدكتاتورية لمنصب رئاسة الوزراء، فهو "المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة والقائد العام للقوات المسلحة.. والمنفذ لمشروع الموازنة وخطط التنمية والخطط العامة والاشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة.." وهو يعين "وكلاء الوزارات والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة، ورئيس اركان الجيش ومعاونيه ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات الوطني، ورؤساء الاجهزة الأمنية" حسب ما جاء في المواد 76 و79 و80 من الدستور، واضافة الى ذلك فهو حر ان يتصرف في أموال الدولة كيفما يشاء، وقد صرح رئيس الوزراء الأسبق "حيدر العبادي“ انه استلم "رئاسة الوزراء من سلفه "نوري المالكي“ والخزينة المركزية ”خاوية“ (ستمائة مليون دولار! فقط) بعد ان كانت فيها أموال بالمليارات (150 مليار دولار!)! وكرر رئيس الوزراء الحالي "مصطفى الكاظمي" نفس الكلام وصرح انه استلم من رئيس الوزراء السابق "عادل عبدالمهدي" خزينة خاوية! لهذا نجد ان قادة الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة التابعة لها يتكالبون على المنصب الخطير ويحاولون الوصول اليه بأي ثمن وبشتى الطرق القانونية وغير القانونية كما هو حال تحالف "الفتح” بزعامة هادي العامري الذي يضم في طياته معظم فصائل الحشد الشعبي والذي مني بخسارة فادحة في الانتخابات المبكرة التي جرت في العاشر من شهر أكتوبر الحالي (2021) وبدل ان يقر أعضاء التحالف الخاسرون بهزيمتهم ويهنأوا الفائزون بطريقة ديمقراطية راقية والبحث عن أسباب الفشل وسبل علاجه، لجأوا الى التهديد والوعيد واتهموا الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق "جنين بلاسخارت“ (الشمطاء!) كما وصفوها مع انها لم تتجاوز الـ 48 عاما وجميلة (زي القمر!) بتزوير الانتخابات واطلقوا تهديدات ضدها واوعزوا الى انصارهم بالنزول الى الشارع في تحدي صارخ للحكومة وقواتها الأمنية وطالبوا بإعادة جميع محطات الانتخابات يدوياً، ولكن مفوضية الانتخابات رفضت "اعادة فرز اصوات المقترعين في جميع المحطات الانتخابية تلبية لرغبة مطالب حزبية خاسرة"، وبين الخاسرون والفائزون ومطالبهم عطلت اهم مؤسسات الدولة وهي البرلمان وتحولت الحكومة الى تصريف اعمال، واذا استمرت الأوضاع كما هي معلقة، فالمواطن العراقي هو الخاسر الأكبر والعراق سيدخل الى دهليز مظلم لا يمكن الخروج منه ..
لذا من الضروري لن يكون قرار الحكومة والقوى الوطنية حازم في نتائج الانتخابات وتطبيق القانون ووضع حد للسلاح المنفلت وحل الازمة وفق الدستور والحد من بعض صلاحيات رئيس الحكومة الواسعة ونقلها الى رئيس الجمهورية او الوزراء لكي لا تؤسس لدكتاتورية جديدة على غرار دكتاتورية البعث البائدة!
ومن المهم جدا ان يشارك رئيس إقليم كردستان "نيجيرفان بارزاني" في إدارة السلطة في بغداد في المرحلة الحالية، واذا تعذر عليه ان يتولى رئاسة الوزراء كون المنصب مخصص للمكون الشيعي، فانه جدير بمنصب رئيس الجمهورية ولكن بصلاحيات اكبر وسلطات أوسع ليعيد ترتيب البيت العراقي من جديد وينقل تجربة الإقليم الناجحة الى العراق، وهو شخصية مقبولة لدى كل الأطراف الشيعية والسنية والإقليمية والدولية، ويتمتع بنشاط دبلوماسي وخبرة سياسية مهنية واسعة من خلال شغله منصب رئيس الحكومة لفترة طويلة وعمله الحالي كرئيس للإقليم، وانا واثق ان العلاقات الهشة بين بغداد واربيل ستتطور الى شراكة حقيقية، وتنعكس ذلك لصالح العراق والعراقيين.
التعليقات