فجرت النائبة البريطانية عن حزب العمال، جولي إليوت ضجة كبيرة في بريطانيا، حينما شبهت ما يحدث، في أوكرانيا من غزو روسي بمثل ما يحدث في الأراضي المحتلة بفلسطين..
ولقيت التصريحات الأخيرة حملة مسعورة من طرف بعض الأطراف الناشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها أيضا زميلها النائب الذي رد عليها قائلا: "انت مخطئة تاريخيا، وخاطئة من الناحية الواقعية وخاطئة أخلاقيا لإجراء مقارنة بين غزو بوتين لأوكرانيا والوضع في فلسطين المحتلة".
ليس غريبا أن تكون مثل هذه التصريحات المتعاطفة مع الفلسطينيين، مصدر تشويش على بعض الأطراف التي تختفي وراء أجندات أو تتلقى دعما من أجل اسكات أي صوت يذكر المجتمع الدولي بالمأساة الفلسطينية التي تزداد عاما بعد عام: نحن أمام عالم متوحش لا يتعرف الا بالمصالح ولا يحرك الاته الإعلامية الا من اجل قضايا تكون من صميم مصالح الدول العظمي لا من أجل الدفاع عن حقوق الانسان والسلام والانتهاكات التي تتعرض لها الأقليات العرقية أو المجتمعات التي تشهد صراعات سياسية.
لقد سبق جولي اليوت العديد من الشخصيات العربية والأوروبية التي تعاطفت مع فلسطين ولو بمجرد المشاركة في مسيرة تضامن أو تعبير عن تنديد بخصوص الانتهاكات التي تحدث في الأراضي المحتلة: أذكر أنني قرأت مقالات يتحدث عن أن العديد من الكنديين من أًصول عربية وديانة مسلمة قد تعرضوا لتحرير مخالفات بـ 800 دولار كندي ليس لأنهم تسببو في حادت أو ماشابه، ولكنهم شاركو فقط في مظاهرات شارع هاميلتون الداعمة لفلسطين في مايو 2021.
لم ننسى أيضا ما تعرض له أسطورة كرة القدم المصرية أبو تريكة لمجرد انه أشار بقميصه الى التعاطف مع غزة: لقد تعرض هذا الاعب لحملات مسعورة محاولة تشويه سمعته، فدفاعه عن القضية الفلسطينية تم ربطه بانتمائه الى حركة الاخوان التي لن نخوض في تفاصيلها، ولكن خطأ أبو تريكة قد بدأ في دفع ثمنه قبل أن يحضر هذا الحزب وقبل أن يعتزل الكرة.
لقد حاول الكثير من المفكرين والمؤسسات الحقوقية والجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان مرارا وتكرارا تسليط الضوء على ما يجري في فلسطين، ولكن الأصوات المنادية بضرورة محاسبة الاحتلال، والشخصيات التي تمثل الحكومة الإسرائيلية والمسؤولة على إعطاء الأوامر، لم تلقى أي صدى ولم تمر سوا مرور الكرام لأن الاعلام الغربي وحتى العربي لم يعد يبحث عن الغوص في المزيد من المواضيع التي تحدث في فلسطين لتفادي الهجمات المضادة، ولاحتلاف القراءات والتسميات في تفاصيل المشهد، حيث يرى البعض أن ما يجري من ردة فعل في غزة لا يعتبر مقاومة، خاصة وانه يرتبط بكلمة الجهاد والتحرير والقضاء على اليهود وهذا ما لا يمكن أن يتسامح مع المجتمع الدولي خاصة وان الهيئات اليهودية والمنظمات المساندة للدولة اليهودية تعتبره نوعا من أنواع محاربة السامية بالإرهاب .
لعلكم ترون اليوم كيف يتضامن المجتمع الدولي مع أوكرانيا ويمد كل يد العون للأوكرانيين الفارين من الحرب، وكيف يعامل الوضع هناك على درجة عالية من التنسيق والتنديد والعقوبات، نحن لا نرى في ذلك مبالغة أو تفضيل: بل نلمس درجة النفاق الإنساني الذي يتميز به الغرب في دعمه لقضايا وتجاهله لأخرى: لم تتلقى المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية بالألاف في مختلف ارجاء العالم دعما بمثل ما تتلقاه مشاهد عشرات الأشخاص الذين ينددون بغزو بوتين لأوكرانيا، هذا ان دل على شيئ فانما يدل على الالة الإعلامية والمجتمع الدولي يملك مخزونا محدودا من التعاطف يوزعه على من يشاء وعلى حسب الأجندات والمصالح، لا على أساس أن الحق في الحماية والعيش بسلام ورفض الانتهاكات يفترض أن يكون ميزان عادل بين الدول والأقليات.
لن ينصف هذا العالم المتوحش فلسطين، ولن يسمح بالتعاطف معها، ولكنني لن ألوم الغرب عن تصرفاتهم بقدر ما ألوم بعضا من الفلسطينيين الذين يحاولون بقدر الإمكان تمزيق الصف والعمل على المفارقة بدل المصالحة، ليزدو القضية ضعفا وهوانا ولتزيد لا مبالاة المجتمع الدولي بما يجري على أرض الواقع.
التعليقات