في الوقت الذي لاتزال بعض بلدان العالم تواجه فايروس كورونا على غرار اسرائيل وكوريا الشمالية، يلوح خطر فيروس جدري القرود في الأفق والذي لم يسمع العالم عنه منذ 19 سنة حيث كان آخر انتشار له في الولايات المتحدة سنة 2003 أين تم تسجيل عشرات الحالات في أوروبا وبعض دول شرق آسيا مذكراً إيانا بالأخبار التي عقبت بداية انتشار جائحة «كوفيد19».
انتشار غامض
وما إن تم تسجيل العديد من الحالات المصابة بجدري القردة في دول أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا حتى سادت حالة من الترقب المستمر الممزوج بالقلق خاصة أنه من النادر ما يظهر الفيروس خارج قارة إفريقيا، ؛ فهذه هي المرة الأولى التي ينتشر فيها المرض بين أشخاص لم يسبق لهم أن سافروا إلى إفريقيا.
في حين تم الكشف عن أن معظم الحالات المصابة ترجع لرجال مارسوا الجنس مع رجال، في أوروبا، أو ما يعرف بالمثلية الجنسية جرى الإبلاغ عنها إصابات في كلٍّ من بريطانيا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا والسويد،
من جهة أخرى أبلغ مسؤولون أمريكيون الأربعاء الماضي عن حالة إصابة لرجل سافر مؤخرًا إلى كندا، ومن جانبها أكدت وكالة الصحة العامة الكندية عن حالتين، كما أعلن مسؤولو الصحة في كيبيك، في وقت سابق، عن أنهم يشتبهون في وقوع 17 حالة في منطقة مونتريال.
في حين سادت حالة من الهلع والخوف إثر توارد أخبار عن ظهور حالات جدري القردة في لبنان، حيث نقلت قناة "الجديد" على لسان الطبيب محمد فهمي خروب أن هناك حالة ثانية لجدري القرود في لبنان لامرأة قادمة من جنوب إفريقيا، الأمر الذي نفته وزارة الصحة اللبنانية في بيان لها نشر على موقعها الرسمي ، مؤكدة عدم وجود أي حالات مؤكدة أو مشتبه فيها لجدري القرود في لبنان.
أزمة مقابل وباء
إلى الأن لم يتضح فيما إذا كان سيتحول جدري القرود إلى وباء خاصة أن مسؤول كبير بمنظمة الصحة العالمية قال إن المنظمة لا تعتقد أن تفشي مرض جدري القرود خارج قارة إفريقيا يستدعي إطلاق حملات تطعيم جماعية، إذ إن القيام بإجراءات أخرى كالنظافة الشخصية الجيدة والسلوك الجنسي الآمن ستسهم في السيطرة على انتشاره.
وهو ما نفاه كارلوس مالوكير، أستاذ العلوم الفيروسية الجزيئية في جامعة "ساري" البريطانية، وأحد أبرز الخبراء العالميين في الجدري، حيث قال" إن نتائج الدراسات التي أجريت حتى الآن توحي بأننا أمام قنوات جديدة لسريان هذا الفيروس لم تكن معروفة من قبل، وإن السيطرة على هذا الانتشار الجديد لن تكون سهلة".
وأضاف: "أصبح الفيروس منتشراً في بلدان عدة، وسريانه يتنامى فيما لا تزال وسائل الرصد والتعقب محدودة جداً. والمصابون الذين يلجؤون إلى المراكز الصحية للعلاج يشكلون نسبة ضئيلة من المرضى، ما يزيد من احتمالات الانتشار في المرحلة المقبلة".
تضارب التصريحات بين خبراء الفيروسات ومنظمة الصحة العالمية جعلت البعض من المختصين في المجال الاقتصادي يشككون في أن منظمة الصحة العالمية لم تعطي جدري القردة حقة بالنظر للأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة والتي لن تتحمل تكلفة وباء جديد بعد أعلن البنك المركزي الأمريكي عن أكبر زيادة في سعر الفائدة منذ حوالى 30 عاما في إطار جهوده المكثفة لكبح جماح ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية. ومواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية حيث قال الاقتصادي ديفيد بيكوورث، كبير الباحثين في مركز ميركاتوس في جامعة جورج ميسون: ان "الاحتياطي الفيدرالي تحت التهديد ويواجه اختبار مصداقية فيما يتعلق بمكافحة التضخم".
العجز الاقتصادي الأمريكي في مواجهة وباء جديد اتضح مع تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث فجر مفاجأة أمس الثلاثاء، حينما تحدث عن جائحة جديدة قادمة، ينبغي التخطيط لمواجهتها، في تصريحات أثارت الرعب.
وقال الرئيس بايدن "الولايات المتحدة لديها ما يكفي من تمويل لمواجهة فيروس كورونا، قد يتجاوز هذا العام على الأقل، لكنها تحتاج إلى المزيد من الأموال للتخطيط للوباء المقبل".
وردا على سؤال لأحد الصحفيين حول توافر اللقاحات المضادة لكوفيد-19 للأطفال الصغار، أجاب بايدن: "نحتاج إلى مزيد من الأموال للتخطيط للوباء الثاني. سيكون هناك جائحة أخرى. علينا أن نفكر في المستقبل".
وقوبلت تصريحات بايدن الجديدة عن توقع جائحة جديدة، بتعليقات بعضها ساخر، وبعضها متخوف من قدوم وباء آخر غير كورونا، في وقت يتوق فيه العالم للتخلص من القيود التي فرضها "كوفيد-19".
وقال أحد المعلقين على موقع تويتر: "يبدو أن الرئيس جو بايدن يعرف شيئًا لا يعرفه بقيتنا. وفي حديثه يوم الثلاثاء، قال إن الحكومة بحاجة إلى المزيد من الأموال، ليس فقط من أجل لقاحات الأطفال، ولكن للوباء القادم. نعم، ستكون هناك واحدة ثانية".
ولم يتضح حتى الأن فيما إذا كان الرئيس الأمريكي كان يقصد جدري القرود أم فيروس أخر غير العديد من المحللين رجحوا لأن يكون الوباء القادم هو جدري القرود بالنظر لانتشاره في العديد من دول العالم.
التعليقات