أصبحت الصورة جميلة وقابلة للأخذ بها على الرغم من بروز بعض الأشخاص وغيرهم بات يقف ويقول، وبصوت عالٍ: إنَّ ما فعله بشار الأسد بشعبه طوال فترة الحرب الدائرة رحاها في المدن السورية، والغالبية منهم يصرّ على تسميتها بالثورة، فاق كل ما هو متوقع، ونتاجها المثمر كان المستفيد منه الشعب السوري الذي فرّ بجلده خارج البلد على الرغم من نتائجها المدهشة التي خلفتها من دمار وقتل وتشريد!.
الشعب السوري هو المستفيد الأول والأخير من هذه الثورة، وإن خلفت، كما ذكرنا، المزيد من الدمار والدماء والقتل والتشرّد والضياع والإبعاد القسري، والموتى بلا أي ذنب اقترفوه.
نعم، كانت مكسباً للمواطن وهو الرابح من صراعها. المواطن السوري الذي كان يقف بإذلال في كل يوم أمام أبواب السفارات الأوربية في العاصمة التاريخية دمشق لجهة الحصول على تأشيراتها من أجل الدخول إليها، وهذا ما كان يتطلب المزيد من الوثائق والمستندات ورصيد مالي في البنك حتى يتمكن من الاخضاع لشروطها التعجيزية التي أنهكت قواه، وهو بدوره يركض يُمنةً ويسرة علَّ وعسى أن يتمكن من جمع هذه الوثائق، ورغم تأمينها، وإن كانت في أغلبها مزوّرة وغير دقيقة المصدر، لأنه دفع بها أشخاص كل ما يهمُهم الحصول على التأشيرة. تأشيرة الدخول لا أكثر لأجل الخروج من البلد بأي صورة كانت. البحث عن أي شيء بذريعة العمل، الدراسة، السياحة، والعيش بأمان، وتتنفّس هامش من الحرية التي افتقدوها، والكثير من الرغبات التي يأملونها، ومنهم من استطاع أن يثبت من خلال الوثائق التي بين يديه لعامل السفارة على أن طلبه يستحق الموافقة عليه، وعلى العامل أن يُلبي حاجته في منح التأشيرة والسفر إلى أراضي الدولة التي يختارها ما دام أنّ أوراقه سليمة المحتوى. صحيحة لا غبار عليها، ويمكنها أن تحقّق رغبته في الوصول إلى أرض تلك الدولة المختارة، وبكل حبّ.
وهكذا وقف الكثير من الشباب أمام أغلب أبواب السفارات ساعات وساعات، ومللوا الانتظار وبلا فائدة، وبالنتيجة يأتيك الجواب من قبل العامل المسؤول داخل تلك السفارات أن ما سبق أن تقدموا به مرفوض وعليهم إعادة النظر فيه من جديد. طلباتهم لم يوافق عليها لأنها تحتاج إلى أدلّة ووثائق جديدة يجب تداركها في المرّة القادمة بعد أن دفعوا الغالي والنفيس حتى تمكنوا من تحضيرها، وانتظار أيام حتى يقفوا هذا الموقف الذي لا يحسدون عليه، ويواجهونك بعد كل ذلك بردّهم الذي يَزيدك غيظاً!.
هذا ما كان يُحبط عزيمة الكثير من الشباب السوري، وحتى المتقدمين في السنّ، لا سيما أنَّ أبواب السفارات مغلقة أمام الجميع، حتى لمن يدّخر المال والجاه والمكانة.
وفي ظلّ الحرب الكونية التي افتعلها النظام الفاسد وأزلامه، لعبت الحكومة السورية دورها في تهريب الشباب باتباع أساليب تهجير مدروسة ومتقنة، مثال دعوتهم للامتثال في دخول صفوف الخدمة العسكرية ومطاردتهم بالضغط عليهم، ومن هنا مالت الكفّة لصالح النظام من أجل بثّ الخوف في قلوبهم والركض باتجاه أبواب السفارات، أو الهروب خوفاً من الموت المحقق الذي ينتظرهم، وإلزامهم بالسفر بعيداً عن وطنهم وأهلهم وأحبتهم بدواعي كثيرة بعد أن دمرت طائرات النظام مدنهم وقراهم، وقتلت وشردت الكثير من أبناء الشعب السوري، وإن كانت الجرائم لا تعد ولا تحصى إلّا أنها كانت بادرة رحيمة من قائد مجرم بالنسبة إلى أبناء بلده وأهله، باستعمال القوّة للدفع بهم إلى خارج سورية، واللجوء إلى بلاد النعيم المختلفة بعد أن كانت حكراً على آخرين.
ما فعله الأسد بالشعب السوري لم يكن نقمة، لا أبداً. إنّه نعمة قدر له الهرب، وفتح الباب له للعيش في بلاد آمنة ومستقرة ومرتاحة مادياً، وها هو اليوم يعيش في أمان وتقدير كبير لهم وترحيب بهم، ومن ظل من أبناء الشعب وفضل البقاء فيها لأسباب خارج عن إرادته ها هو يعيش في بلده بأسى حقيقي. يعيش بذل وهوان، وفقر مدقع وواقع اقتصادي مرعب. وأكثر ما صار يفكر ابن سوريا في مأكله ومشربه.. وكيف باستطاعته تأمينه؟ وما سيكون عليه يومه وغده، وبعد غد؟
ألوان من القهر فرضتها عليه الحرب الضروس، وظل ذلك ملازماً له، وكل هذا كان يباركه لأن الغالبية من أبناء الشعب السوري نجا من الموت المحتّم، وعاش حياته بعيداً عن عقليات متحجّرة، وبفضل هذا الدافع وما جرى للمواطن السوري فإنه يعيش الآن أجمل أيامه، بعيداً عن عيش ذليل وحاكم لا يعرف الرحمة، وعصابة مجرمة لا هم لها سوى نهب المواطن وسرقته والاساءة له وإذلاله، وفوق ذلك أخذ الكثير من الشباب المتاجرة بالمخدرات، وتقوم على تصنيعها من خلال تعدّد المصانع المخصصة لهذه الغاية وبيع منتوجاتها للشباب، وكل هذا بعلم النظام الفاسد الذي شجّع على الخوض في هذه التجربة، وهو المشارك والمستفيد منها.
- آخر تحديث :
التعليقات