"تنذكر لا تنعاد" فبعد أربعة عقود، أي أربعين عاماً، من المؤكد أنّ الذين عاشوا أيام وليالي: "مجزرة صبرا وشاتيلا" وشاهدوا بأعينهم كيف أن التشكيلات و"الميليشيات" التي إنحازت وتحالفت مع الإسرائيليين "كجنود مُجندة" كانت أكثر قسوة ودموية على "اللاجئين الفلسطينيين" ومن إنحازوا إليهم وتحالفوا معهم من اللبنانيين.. ومن بينهم "الموارنة" والمسيحيين بالطبع وهذا بالإضافة إلى المسلمين السنة.. والشيعة والدروز وباقي المكونات اللبنانية.
وهنا ولأنني من بين من عاشوا تلك الفترة المرعبة والدامية ولكن في بيروت الغربية وليس في بيروت الشرقية التي كانت غارقة في الموت والدماء والذبح والسلخ فإنني شاهدت بعيني كيف أنّ من إنحازوا إلى إسرائيل قد كانوا أكثر دموية وقسوة من الإسرائيليين أنفسهم.. وحقيقة وبالطبع فإن هذه الأمور قد كانت متوقعة وهي قد حصلت في لبنان وغيره وفي ظروف "إختلط فيها الحابل بالنابل".. وأصبح حتى الأخ لا يتردد في إراقة دم أخيه والعياذ بالله.
وهكذا ولأن بعض الوسائل الإعلامية النشطة قد إستعادت هذه الذكريات الموجعة للقلوب فإنّ الذين قد عاشوا تلك الفترة الدموية المرعبة لم تفارق أذهانهم وقلوبهم صور أكوام الجثث المكدسة وبخاصة في مخيمات بيروت الشرقية "الفلسطينية".
إنها ذكريات مؤلمة، لا أعادها الله، وحقيقة أنّ لبنان الجميل هذا وبكل مكوناته: "السنة والشيعة" والأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت والأرمن وغيرهم لا يستحق ولا "يستاهل" أن يكون فريسة للتناحرات الطائفية وللصراعات الإقليمية والدولية.. ولكل ما هب ودب كما يقال!!.
وأيضاً ويقيناً فإنّ لبنان الجميل هذا لا يستحق أن يصبح فريسة للصراعات الإقليمية والدولية والطائفية والمذهبية.. ولكن المشكلة تكمن في أنّ هذا البلد قد جعله موقعه وجعلته تركيبته المذهبية والطائفية وحيوية شعبه أن يكون ميداناً لكل هذه الصراعات المتلاحقة.. والواضح أنه سيبقى وعلى ما هو عليه مادام أنّ الشاعر الكبير الملهم سعيد عقل قد قال في إحدى تجلياته الشعرية:
هالكمْ أرزه "العاجقين" الكون
وقبل ما كانوا هون "ماكنش" كون
التعليقات