انشغال الكتل السياسية بالمناكفات والنزاعات للحصول على المناصب وقطع حبل الوصال بينه وبين الشعب سيزيد من ازماتها وخلق فجوة كبيرة بين المواطن والاحزاب الحاكمة فلم يعد هناك اذنٍ صاغية تتقبل الوعود لتقديم الافضل. بعد ازاحة النظام السابق والانتقال الحاصل من الحكم الرئاسي الى البرلماني الديمقراطي اثبتت الاحزاب الحاكمة التوافقية التحاصصية عدم قدرتها على ادارة البلاد وتفتقر الى التخطيط السليم واستثمار موارده الطبيعية والنفطية والبشرية والزراعية لرفع مستوى الاقتصاد وتوزيع ثروة الوطن بشكلٍ عادل وفق خطة استراتيجية تنموية الشيء الاسوأ من هذه اثبتت العملية السياسية فشلها الذريع بسبب انعدام الحس الوطني والانحياز الى دول مجاورة لها اطماع سياسية واقتصادية في العراق، فتغليب المصلحة الشخصية والحزبية على المصلحة العامة ومصلحة الوطن وغلبة الذهنية الطائفية التي ادت الى الانهيار السياسي والاقتصادي والمجتمعي والتعليمي والصحي والثقافي. هذه الممارسات كانت وما زالت الفساد المقنن وفقدان البلد لسيادته واستقلالية قراره الداخلي بحيث فتحت المجال الى إيران والموالين لها للتحكم في الشأن العراقي وبخيراته ومقدراته الاقتصادية وموارده وجغرافيتا.
تعددت الثورات الشعبية الاصلاحية ضد الطبقة السياسية الحاكمة منذ 2003 ولا تزال تلك الاحزاب في مكانها، لا نختلف حول احقية ومشروعية ثورة تشرين الخالدة ضد الطبقة السياسية التي حكمته خلال التسع عشر سنة الماضية من التقصير المستمر من جميع النواحي خلال تلك الفترة، فشلت من خلاله من تقديم ادنى مستويات خدمات العيش الكريم للمواطن العراقي حال الدول المجاورة رغم وفرة الثروات والخيرات التي لا تعد ولا تحصى فالأزمات السياسية انعكست بشكل كبير على الواقع الحياتي والمعيشي على المواطن العراقي مع الحالة الاقتصادية ورفع سعر صرف الدولار الذي ضاعف من ازمات كبيرة فالبعض منهم لم يفصل بين خدمة الناس والمنافسة السياسية، بل حولت الفساد والسرقات الى ثقافة مجتمعية وسياسية يصعب القضاء عليها، مما ادى الى خروج الشعب الى الشوارع والتظاهر لإسقاط هذه الطبقة السياسية الموالية لدول مجاورة.
ولكن ما يجب الاشارة اليه إن هذه النوع من التظاهرات الشعبية و لكونها تفتقر الى القيادة السياسية الحكيمة ذات الخبرة التي بإمكانها تغيير واقع العراق واخذه الى بر الأمان، فانها عادة تكون عرضة للاستغلال والانقياد من قبل جماعات سياسية تمتلك ادوات منظمة تنجح في تسخيره لمصالحها السياسية، بعيدا عن جوهر ما خرج من اجله الشارع، خاصة اذا ما طال امد الحراك دون الوصول الى اهدافها، ويبدوا إن هذا ما يحصل في حراك الشارع الاصلاحي المستمر في العراق. فمنذ سنة من الان انتهت الانتخابات ولم تشكل الحكومة تعقدت الامور بشكل اكبر واصبح البلد تحت منزلق سياسي واجتماعي خطير تأزمت سلطة الاحزاب الحاكمة وحصل صراعات واقتتال فيما بينهم ولمدة ايام وبشكلٍ محدود ويمكن تعقيد الامور اكثر من ذلك في الايام القادمة لاسيما وإن الاستعداد للثورة التشرينية قد اقترب موعدها.
...