لا خلاف على أن حكاية أفغانستان، هذا البلد العظيم حقاًّ وشعبه الطيب فعلاً، طويلة جداًّ وأنّ موقعها وحيوية شعبها قد جعلها ممرا وأيضاً ومقراًّ لشعوب وأقوام كثيرة وكان أنْ غزا الإتحاد السوفياتي في ذروة تألقه هذا البلد لتجنب أن تسيطر عليه إحدى الدول الطامعة.. وحقيقة أنه كان هناك قولاً مأثوراً.. لا يزال متداولاً وهو: إنه ليس لا بد من "كابل" وأن طال السفر!!.

كنت كصحافي أحد الذين قد شدّوا الرحال إلى "كابل" مرات متتابعة وذلك قبل الغزو السوفياتي وبعده.. وحقيقة وكما أنّ العرب كانوا يقولون ويردّدون: "لا بد من صنعا وإنْ طال السفر" فإنه كان لا بد من القول بعدما تغيرت معطيات كثيرة لا بد من "قندوز" وإنْ طال السفر.. فبؤر الصراع كانت تقتضي بالذهاب إليها أينما كانت ومهما إبتعدت!!.

عندما وصلت إلى "كابل" لم أشعر إطلاقاً بالغربة فالأهل هم أهلي و"الرفاق" هم رفاقي فاللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم قد كانت جاهزة ولذلك فإنني قد شعرت بأنّ هؤلاء الأهل هم أهلي بالفعل وأنني يجب أن أتصرف على هذا الأساس وفعلاً فقد واصلت زيارة هذا البلد العظيم وحتى وإنْ طال السفر.

كانت عمامة الشيخ الجليل غُلْب الدين حكمتيار تشعرني أنني في بغداد أو في عمان أو في بيروت.. وبالطبع أو في القاهرة.. أو في الجزائر التي كلما ذهبت إليها أشعر بالفعل أنّ بلاد العرب أوطاني ومن الشام لبغداد ومن نجد إلى مصر .. فتطوان!!.

هكذا هي الأمور ففي الجزائر أيضاً شعرت أنّ هذا البلد هو بلدي وحقيقة أنّ هذا الشعور قد رافقني إلى كل العواصم العربية التي قد كنت زرتها.. وكان الجزائريون قد منحوني جواز السفر الجزائري الذي لا زلت أحتفظ به كذكرى تاريخية ثمينة.. وعزيزة.

وعليه ومع أنّ تقلبات الزمان قد غيرت أموراً كثيرة فإنني لا زلت عندما أنظر إلى صورة هذا القائد العظيم غُلب الدين حكمتيار أشعر بأنني في الجزائر.. فالجزائر رمزاً عروبياًّ والجزائر هي من أنجبت الثورة الفلسطينية والجزائر هي عنواناً سيبقى يعيش في قلوبنا .. إنها كل شيْء "الجزائر"!!.