هل فكرت يوماً لماذا تساعد الآخرين؟ هل تفعل لتشعر بالسعادة والرضا، أم لأنك تشعر بالذنب؟
إذا قررت المساعدة لأن المساعدة تعزز قيمك أو تمنحك السعادة فلا تتردد في القيام بذلك، أما إذا كنت مصابا بـ"متلازمة المساعد الفائق"، فأنت مضطر لمساعدة الآخرين لدرجة أنك قد تفشل في تلبية احتياجاتك الخاصة!
وهذه الحالة، في الواقع، أكثر شيوعا مما يُعتقد، وهي سمة قد تلاحظها في نفسك أو في الآخرين، حيث لا يستطيع البعض منع أنفسهم من المساعدة.
والأشخاص المعرضون للإصابة بهذا السلوك القهري يحيطون بنا في كل مكان، إنهم يحلون المشكلات، ولا يستطيعون مقاومة أي فرصة للمساعدة. وعادة ما يكون هناك واحد في محيط كل عائلة بمثابة ملاك يساعد دائماً في الأزمات.
فما الأسباب المحتملة لكون شخص ما يشعر بأنه مدفوعاً للمساعدة بشكل لا إرادي؟
بالنسبة لبعض المتورطين بهذا السلوك القهري، هناك دليل علمي على أن المساعدة يمكن أن تحتوي على مكون وراثي، فقد وجد الباحثون أن التعاطف تحدده جيناتنا إلى حد ما وقد حددوا الجينات المشاركة في ذلك.
إلا أن بعض الأشخاص يتحولون إلى مساعدين فائقين نتيجة لألم الطفولة. إذ ربما عانى الكثير منهم الحرمان أو المشقة في وقت مبكر من العمر، لذا ينتقلون من الصدمة التي تعرضوا لها ليصبحوا ممن يحلون المشكلات، ويتفانون بالمساعدة.
ثم هناك التربية ورسائل الطفولة إذ عادة ما يتم تعليم بعض الأطفال (خاصة الفتيات) أنه يجب عليهم مساعدة الآخرين حتى يكونوا أشخاصاً صالحين. وإذا كانت هذه التنشئة الإجتماعية قوية بما يكفي، يمكن أن تقودهم إلى تبني معتقدات غير عقلانية تدفع إلى المساعدة القهرية، مثل الشعور بالمسؤولية الشخصية لمساعدة كل شخص تقابله وتصبح مشكلة أي شخص آخر هي مشكلتك.
ويبقى هناك الظروف التي تجبر البعض للقيام بدور المساعدين في كل الأوقات، فقط لأن شخصاً آخر يعتمد عليهم، فالظروف التي يجدون أنفسهم فيها أو المسؤوليات التي يواجهونها لا تبقي لديهم سوى القليل من الخيارات.
يقول المفكر والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكيس "أن الطريقة الوحيدة لتخليص نفسك هي في مساعدة الآخرين".. لذا يبدو أن دوافع الإنسان للمساعدة أكثر مما نعتقد أو نتوقع.
التعليقات