لا شك أن خامنئي هو الوحيد الذي يصدر الأمر النهائي بإعدام المتظاهرين. كما لا شك في إرادته بإعدام كل من احتج على حكومته وهتف بـ"الموت لخامنئي" و "الموت للديكتاتور" في الشارع. ناهیك عن من رددوا شعار "هذا العام عام الدم وسنسقط فیه سيدعلي" أو شعار "خامنئي السفّاح سندفنك تحت التراب" وما شابههما. واين هذه الشعارات بالنسبة له وعملیة إحراق سيارات القوات القمعية وحرق مراكز قوات الحرس وقوات الباسيج والصور الضخمة لخميني وخامنئي نفسه ونور عینه قاسم سليماني. وطبعاً كل هذه الإجراءات تعتبر ثانوية مقارنة بقیام الثوار بالدفاع عن أنفسهم ومعاقبة قتلة الشعب.
لذلك، بقدر ما يعود الأمر إلى خامنئي، لا يمكن له التسامح مع أعمال من طبيعة وأسلوب عمل وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق، الأسلوب الذي أصبح الطريقة الطبيعية لجميع فئات الشعب في طهران، وأصفهان، ومشهد، وشيراز، وتبريز.، وزاهدان، وسنندج، والأهواز وغیرها. خامنئي هو الشخص الذي لم يتردد في تنفیذ فتوى الخميني عام 1988 بإعدام أكثر من ثلاثين ألف سجین سياسي، 90٪ منهم من مجاهدي خلق. وفي هذا السياق، قال ما نصه:
"عندما تكون جماعة في حالة حرب مع النظام الإسلامي والحكومة الإسلامية وهم يقاتلون، لا يقاتل الناس فقط هؤلاء الذين في أيديهم السيف، بل أيضًا یقتلون الشخص الذي من المفترض أنه ذهب لتسليم تقریر المهمة ویعود، لأنه أیضاً منهم. الشخص الذي يعطي التوجیهات أيضًا منهم، ومنهم أيضًا جندي الاحتیاط. ولا فرق. تطبیق المحاربة علی الأشخاص المتعاونين معهم والمتصلين بهم واضح... إذن، من وجهة نظر الفقه، وكذلك من وجهة نظر تشخيص الإمام وأداء الإمام ورأي الإمام، فلا داعي للقلق [من هذه الإعدامات]".
من ناحية أخرى، حتى الآن كان هناك إعدام سوى اثنين من سجناء الانتفاضة فقط: محسن شكاري ومجید رضا رهنورد. والسؤال المطروح الآن: هل يواصل خامنئي في إعدام أسرى الانتفاضة؟ على الرغم من أن إعدام شخص واحد جريمة كبیرة «كأنما قتل الناس جمیعاً»، وعلى الرغم من أن أتباع خامنئي لا يترددون ليل نهاز في تعذيب وتمثیل وقتل كل معارض یرید إسقاط النظام، إلا أن السؤال لا يزال مطروحًا فيما إذا كان إعدام شباب الانتفاضة سیستمرّ، إذا استمر، فإلى متى سیستمر؟
الجواب في كلمة واحدة هو أن خامنئي إذا استطاع، فسوف يعدم الجميع، ولكن إذا لم يفعل، فهذا يعني أنه لا يستطيع.
السبب الوحيد لعدم استطاعة نظام ولاية الفقيه الإجرامي هو أن ميزان القوی الداخلي للنظام لا يسمح له بتنفيذ المزيد من الجرائم والإعدامات.
بعد إعدام محسن شكاري، تدفّقت موجة من المعارضة الداخلية والتنديد الخارجیة. وطالبت العديد من الحكومات والأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية والعديد من الشخصيات الدولية بإدانة هذا الإعدام وبوقف الإعدام. وفي الآونة الأخيرة أيضا، دعا 238 شخصا من مسئولي الأمم المتحدة الحالیین والسابقین والقضاة الدولیین والحاصلین علی جائزة نوبل وخبراء حقوق الإنسان ومنظمات غیر حكومیة، دعوا قادة العالم إلی الضغط علي نظام الملالي لوقف إعدام المشاركین في الانتفاضة وإلی فرض عقوبات بسبب هذه الجرائم وطرد سفراء النظام من دولهم وإدراج قوات الحرس في قوائم الإرهاب.
لكن أكثر من الإدانات الدولية، ما يجعل خامنئي يفكّر مليًا في استمرار الإعدامات هو المعارضة الجادة الموجودة بين ملالي قم والمسؤولين السابقين واللاحقين في نظامه. على سبيل المثال، أرسل مجتمع رجال الدين المتشددين في قم مؤخرًا رسالة إلى وحيد خراساني، وهو أقدم مرجع دیني في قم، يطلبون منه اتخاذ موقف ضد الإعدامات. وقال محمد رضا رحمت، أحد المدرسین فی الحوزةالدینیة: "عقوبة جرائم مثل تخويف الناس وإغلاق الشارع وإصابة شخص واحد ليست عقوبتها الإعدام، ولا أعتقد أن أي مجتهد سيصدر عقوبة الإعدام في مثل هذا المتهم". وقال بيات زنجاني، الذي يعتبر نفسه مرجعاً دینیاً: "لایمكن إطلاق المحاربة لأي نوع من الاحتجاج". وكتب مصطفى محقق الداماد، أستاذ القانون ومن رجال الدین المشهورین في النظام والذي كان أحد كبار مسؤولي السلطة القضائیة، رئيس هيئة التفتيش العام في البلاد، قال خطابا لخامنئي: "الإعدام ليس الطريق الصحيح لضمان الأمن والحد من الالتهابات، لأن هذا يضيف لغضب وكراهية المجتمع... ويظهر الجهل بأجواء الرأي العام ولامبالاة المسؤولين بمصالح الوطن. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الأساسية هي أن مجریات القضاء في هذه المحاكمات لم تستطع إقناع الرأي العام». وقال الملا مرتضى مقتدايي، أحد رجال الدين البارزين في الحكومة، والذي كان رئيس المحكمة العليا والنائب العام للبلاد لسنوات عديدة: "لیس كل الأشخاص المتهمین بالمحاربة یمكن إصدار حكم الإعدام بحقّهم. وإذا قام بالتهديد والترهيب فقط، حتى لو صدر بحقه حكم المحارب، فإن العقوبة على هذا الشخص ليست الإعدام". وأصدر عبد الله نوري، وزير الداخلية السابق في النظام، وهو نفسه أحد ملالي النظام المشهورين، بيانًا هاجم فيه بشدة سياسة القمع التي انتهجها خامنئي وكتب، من بين أمور أخرى: «إن صمت المراجع الدینیین والعلماء الشيعة في مواجهة السلوك الحكومي المسبّب للتوتر أصبح سؤالًا لكثير من الناس وهم يتساءلون عما إذا كانوا يعتبرون هذا النوع من السلوك صحيحًا؟ هل دهس الأخلاق والإنسانية بالتهديد والعنف السافر من الحكومة ضد احتجاج الشعب له مبرر أخلاقي وديني؟» وقال محمد علي أيازي، أحد الملالي المشهورين في مدینة قم، لوكالة أنباء «إيلنا» رداً على إصدار أحكام المحاربة: "ليس الأمر أنه إذا قام شخص بتطبیق حقه في الاحتجاج على الوضع الحالي فنصفه بالمحارب. فليس من الصحيح أن كل من فعل أي شيء في الشارع یمكن أن يطلق عليه محاربة ...» محمد علي أيازي، عضو هيئة العلماء والمدرسین في قم، قال أیضا لموقع «جماران» الإخباري في 22 كانون الأول " ماهو المقصود بالمحاربة في الفقه؟ الحرب ضد الناس لا لمن يقف ضد الحكومة.»... وهناك العديد من هذه النظريات. لقد شارك أصحاب هذه الأفكار في القمع لسنوات عديدة. لكن في الوقت الحالي، من وجهة نظر مصالح النظام، فقد نأوا بأنفسهم عن خامنئي ويعارضون عمليات الإعدام. وبهذه الطريقة، فبالنسبة لخامنئي، فإن استمرار عمليات الإعدام يتطلب دفع المزید من الثمن.
التعليقات