نشطت في العام الأخير هذا في تعزيز الاستقصاء الصحفي والبحث المهني في مواضيع وقضايا عديدة ذات الإهتمام في مجتمعاتنا العربية والناطقة بالعربية، فالاستقصاء الصحفي "Investigative Journalism" مجرّد تحري وبحث لها قناعات ومبادئ شخصية مختلفة بنتائجها بين الصحفي الاستقصائي والآخر، فما هو مفهوم "الاستقصاء الصحفي"؟

الاستقصاء الصحفي:
هي أحد أنواع الصحافة والتي تتركز بشكل كبير على الاستقصاء والتحري في مواضيع تخص الفساد المالي أو الإداري أو المجتمعي، وهي مادة مهمة توضع في منصات ذات المصادر المفتوحة بلا تشفير، يستفيد منها المتطلع والقارئ في المقارنات والتحليل، وقد يلاقي هؤلاء الصحفي الاستقصائيين مصير الملاحقات القانونية من العناصر الفاسدة والمتطرفة في تلك الدول التي يقطنون بها، فيلجأ هؤلاء إلى أماكن أكثر أماناً وحمايةً لهم لاستمرار نشاطهم الصحفي، وتلك مهارة يصعب على الكثيرين تقديمها للمتلقي، لحساسية وخطورة المعلومات المذكورة أحياناً. قد تكون هناك ممارسات غير مهنية من بعض هؤلاء الاستقصائيين في الطعن بالأشخاص أو المؤسسات و Blackmailing (ابتزاز) من أُصدر تقرير بحقه من أجل المفاوضة على بعض النفوذ أو المال، ولكن يوجد أيضاً الاستقصائي الذي يمارس ذلك قناعةً منه بأن المهنية هي في مناقشة الاستقصاء وتقديمه بوضوح وحرفية للاستفادة القصوى من المادة.
هل الصحافة والصحفي الاستقصائي مطلوب؟
دائماً ما نرى بأن المجتمعات المثقفة والواعية تضع تقديراً بالغاً لهؤلاء الاستقصائيين، لأنهم كرسوا وقتهم وضحوا في استقرارهم الاجتماعي والمجاملات القاتلة التي بالضرورة تدفع بغض الطرف عن الفساد المالي والأخلاقي والوصايا المتطرفة على المجتمع بسبب التقارب الأسري أو الجيرة أو مشاركة الهوية الوطنية من أجل "الحقيقة" وتوعية المجتمع الذي استهتر باستقرار المجتمع المدني من الناحية النفسية والثقافية، ودفعوا بمفاهيم النفاق الاجتماعي قناعة منهم بأن ذلك سيحافظ على النسيج الاجتماعي الهش.
ما أواجهه شخصياً هو قبول بالعموم أكثر منه رفضاً، وتغير قناعات الكثيرين بسبب استمرارنا بهذه الرسائل في المحتوى من نعوت جاهلة لا تنم إلا على حملات مؤدلجة لتضليل الرأي العام عن الحقيقة المعروضة لأسباب إعلامية وتنظيمية أو مصالح شخصية رخيصة مثل: "عيب عليك" ، "حرام عليك" ، "فضيحة ستلاقيها في أهلك" ، "كذب وتدليس وحقارة" ، "الرب سيضع جُلّ غبه عليكم لعدم التستر". وكما ترون أن كل هذه النعوت هي عبارة عن مرآة للمجتمع الذي يبحث عن نفسه ولكن يحيطه الكثير من الخوف والهلع عندما يرى ما يكشف أو يشكك قناعته بشخص أو طرح يعتبره "شيء طاهر لا تمسه الأخطاء أو الطعون أبداً"
الاستقصاء الذي نقوم به ضد الأدلجة ذات المصالح والولاءات الخارجة عن حدود سيادة الدول المستقرة تلك أعتبرها رسالة ومنهج ومسؤولية مهنية كبيرة، ومواجهة مع سلبيات مجتمعية، والاستقصاء ضد أي تضليل وكذب وتكسّب على المجتمع من ناحية وضع فرضية ذات جانب واحد أيضاً هي خطيرة وبدأت التأثير سلباً على المجتمع.
أنا سعيد جداً حقيقةً بالكم الهائل من المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي الذين يتسمون بالثقافة والوعي وحب مواد الاستقصاء، فالاستمرار بالرسالة أعطتني نتائج أكثر إيجابية بكل مادة نضعها كرأياً عاماً، وبدا على هؤلاء تعطش كبير نحو معرفة الجانب الآخر من كل ما تم عرضه عليهم في الفترة السابقة، وهذا المؤشر يعطيني أمل بأن مستقبل هذه المنطقة للأفضل من ناحية البحث والتحري. فنصيحتي الأخيرة والتي أضعها دائماً في مساحات تويتر بعد عرض مادتنا المكتوبة هي كالتالي:
●أولاً: ضعوا الشّك بكل ما يُعرض عليكم في الفضاء الرقمي من المواد التي تشوبها تساؤلات كثيرة
●ثانياً: تحروا وابحثوا عن النقد المقابل لتلك المواد إن وجدت
●ثالثاً وأخيراً: اقتنع بنتائج بحثك العقلانية الموضوعية المجردة من العاطفة
ودائماً ما أضع هذه المقولة كمعيار للوعي وإعطاء المجال للمفكرين والمثقفين في تغيير مواقفهم ومبادئهم:
"ما نتركه بالمنطق، لا يُفترَض أن نعود إليه بالعاطفة" … سيغموند فرويد.