المقال الاستفزازي واعتقد المغرض في الوقت نفسه – وهذا الاعتقاد ليس جزافا – الذي نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية واصفا اقليم كوردستان العراق بانه "بيت من الورق وانه سوف ينهار" Iraqi Kurdistan’s House of Cards Is Collapsing ما هي الا جزء من سلسلة محاولات سابقة - ربما ستكون لاحقة ايضا - في هذا المجال ممن دلوا بدلوهم في الهجوم على اقليم كوردستان العراق وتجربته، والمعلوم ان الغرض الاساس والهدف الرئيس وراء هكذا النوع من الحملات المجحفة بحق الاقليم هو وصف وتقديم الكيان الكوردستاني المتمثل بمؤسساته الشرعية والديمقراطية بصورة سيئة امام انظارالاخرين.

اولا وقبل كل شيء يجب ان يعرف الجميع ان المقال لا يعبرعن سياسة امريكا الرسمية، بل هو رأي الصحافي Winthrop Rodgers الذي كتب المقال والذي يقيم الان في الاقليم.

في الحقيقة ان الكاتب لم يشفي سرا للعلن او كشف واستخرج للعالم سبرالاغوار كما يقال لكي نتحدث بدورنا عنه اوعلى الاقل لكي ننقاش ما اتى به، فهو ركز في مقاله على نقطة واحدة الا وهي الوضع السياسي المتأزم بين حزبي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني بسبب وجود الخلافات الموجودة بينهم، الامر الغير خاف على احد في هذا الصدد والشيء الطبيعي بكل ابعاده، وهو ما يؤكد عليه ايضا الحزبان ويتباحثون بينهم باستمرار لايجاد حلول جذرية لها، وكذلك الموضوع يناقش على اعلى مستويات السلطة في الاقليم المتمثلة برئاسة الاقليم والتي بدورها ايضا تبحث عن حلول واقعية ومتانية للخروج من هذه الازمة.

لكن الكاتب وراء هذا ومن خلال اثارته لهذه النقطة يحاول سرد افكاره – المتبعثرة – للوصول الى غرضه الحقيقي المدفوع وهو جس نبض عواطف مواطني الاقليم من جهة وايضا تشويه الصورة الحقيقية للاقليم امام الاخرين من خلال القاء وطرح جملة من المفردات الحساسة مثل (البطالة، الفوضى، حرية التعبير، الهجرة ...وو الخ).

لا اريد ان اجيب عن المفردات المألوفة التي القاها وطرحها كاتب المقال واحدة تلو الاخرى، لكن باختصار شديد ان المتتبع الجاد لواقع اقليم كوردستان يرى بكل وضوح هذه التلفيقات ووجهات النظرالمفتعلة، فالاقليم الذي يبلغ تعدداد سكانه حوالي 6 ملاين نسمة -اضافة الى اكثر من مليون انسان بين لاجئيء ونازح- يعد من أأمن المناطق الموجودة في العراق قاطبة باعتراف الجميع، وحتى باشادة الدول التي يوجد لديها بعثات دبلوماسية، لكن السؤال الجوهري الذي يجب ان يطرح هو ترى هل يعقل ان تحدث كل هذه الفوضى والكوارث في مكان آمن هكذا على حد تعبير كاتب المقال؟! الجواب بالتاكيد النفي، لان المعروف ان الفوضى والمشاكل تحدث في الاماكن التي توصف بانها عدم مستقرة، حيث فيها تناحرات وصراعات مستمرة، فالاقليم كما ذكرنا سلفا مستقر ولديه حكومة رشيدة بقيادة رئيس الوزراء مسرور بارزاني، الذي مصر ومستمر في العملية الاصلاحية وفي تقوية البنية التحتية والاقتصادية للاقليم في كل الجوانب (الصناعية، التجارية، الزراعية، السياحية … الخ) اذ لا يمكن ان يحدث هذا التطور والتقدم في العملية الاصلاحية في مكان غير آمن وغير مستقر، في الوقت نفسه هذا لا يعني انه ليس هناك نواقص او تقصير للأداء الخدمي في بعض المجالات، لكن كما ذكرنا من قبل ان الحكومة تعمل على قدم وساق لتحسين وتطوير أداء هذه الخدمات بأحسن وافضل صورة، وان برنامج العملية الاصلاحية مستمر لتحقيق الاهداف المرجوة التي تبنتها الكابينة الحكومية منذ تأسيسها في تموز 2019.

ان اقليم كوردستان الدستوري، الذي هو نتاج لدماء آلاف الشهداء ودموع الآلاف من الامهات، ليس بيتا للعنكبوت لكي ينهار بهذه السهولة، فالكيان الذي يؤسس ويبنى بدم ودموع الشعب سيتم الحفاظ عليه بهذا الدم وهذه الدموع وعن طريق ابناء الشعب نفسه كما جاء ذلك في البيان الذي نشره مقر البارزاني بعيد هذه الحملة.

على الرغم من وجود حرية تامة للصحافة وكذلك اتاحة الفضاء الاوسع للاعلام الذي رسخه الاقليم للصحافيين والاعلاميين ومنه كاتب المقال هذا الذي يقطن الاقليم حاليا، في الوقت نفسه من الضروري على المجلة عندما تنشر مثل هكذا المقالات والتي لا تستند على مصداقية تذكر، عليها ان تعيد النظر في سياستها وهدفها الاساس التي تأسست من اجلها والتي تركز على (مناقشة الأفكار السائدة وتأسيس تفكير جماعي، وإتاحة الفرصة للآراء البديلة لكي تكون اكثر جدية وتكتسي حيوية تبتعد عن السطحية وتتوخى أيضا الالتزام بمبدأ التوزان التحريري، وخلق نقاش بين المتخصصين، وإطلاع القراء على التفاصيل المتعلقة بالمواضيع المطروحة، من خلال خلق التكامل بين التحليلات الدقيقة والتغطية الصحفية، وتفرض في هذا الباب التزام مقالات الرأي وباقي المقالات بالاعتماد على معطيات من مصادر أصلية، واعتماد أسلوب القصص الصحفية الخفيفة لجذب القراء). والا سوف توضع عليها ملاحظات وعلامات ربما تمس بسمعتها في المستقبل.