أشعلت تصريحات وزارة الخارجية الإيرانية التي خرجت بها علينا في الآونة الأخيرة فتيل الفتنة؛ إذ تحاول طمس الحقيقة بإعلان أن ملف حقل الدرة قضية قانونية ولديهم حق الاستثمار فيه، وأن دولتهم مستعدة لحل قضية حقل الدرة بمحادثات قانونية، وذلك على خليفة إصدار بيان مشترك بين الدولتين الشقيقتين السعودية والكويت؛ للتأكيد على أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بينهما فقط دون أي دولة أخرى، ولهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال ثرواتها.
ويكمن الخلاف على أسس ترسيم الحدود البحرية، إذ ترغب السلطات الإيرانية في الترسيم من جزرها إلى البر الكويتي، وتريد الكويت ترسيم من الجزر الإيرانية إلى الجزر الكويتية تطبيقا لقانون البحار.
أزمات متجددة
النزاع حول هذ الملف منذ ستينيات القرن المنصرم عندما منحت إيران والكويت امتيازين للتنقيب في شمال حقل غاز الدرة، فإيران اتفقت مع شركة النفط البريطانية - الإيرانية التي أصبحت "بي پي" لاحقا، فيما اتفقت الكويت مع "شل"، ثم أتت التطورات العسكرية في المنطقة لتجمد الملف، وتطور بقوة 2001 بعدما بدأت إيران أعمال التنقيب؛ مما دفع الكويت والسعودية إلى سرعة ترسيم حدودهما البحرية نهائيا، وإبرام اتفاقات لتطوير الموارد المشتركة.
وبحلول 2003، قال مسؤولو الكويت إنهم سيعرضون قضية ترسيم حدود الحقل، على هيئة تحكيم دولية في حال فشل المفاوضات الثنائية، لكن إيران رفضت التحكيم.
وخلال عامي 2001 و2015، اتخذت طهران طريقا منفردا بطرح مشروعين لتطوير امتداد حقل الدرة أمام الشركات الأجنبية، وهو ما تكرر يونيو 2023 خلال حديث رئيس شركة النفط الإيرانية، القائل إن بلاده ستبدأ الحفر في الحقل الذي تسميه إيران "آراش"؛ للبدء في تركيب منصات حفر وإجراء دراسات زلزالية.
ومع بداية 2019، وقعتا الكويت والسعودية مذكرة تفاهم؛ لتطوير حقل الدرة الكويتي - السعودي المشترك، وأكدت الدولتان أنهما طرف تفاوضي واحد في مواجهة الطرف الإيراني.
نريد خطوات جادة من السلطتين التشريعية والتنفيذية على أرض الواقع
المتابع لمجلس الأمة يجد أنه قلما يتحدث نواب المجلس عن وضع حلول جادة لتحقيق الاستغلال الأمثل من هذا الحقل، والرد على كل الادعاءات على أرض الواقع، وعدم إعطاء الأولوية لهذه القضية على المستوى السياسي الكويتي.
وهنا أوجه أسئلة هامة إلى حكومات الكويت المتعاقبة، لماذا حقل الدرة متعطل منذ 58 سنة؟، مع إحتواه على على 13 تريليون غاز طبيعي، ولما لا تفرض القوات البحرية سيطرتها بالانتشار على كامل المياه الكويتية؟، ولماذا لا يجري التنسيق مع السلطات السعودية التي نصت اتفاقيات ترسيم على تقاسم الأرباح بالتساوي في المناطق المحايدة أو المقسومة، وتكليف إدارة مشتركة للموارد في المناطق البرية والمغمورة.
فإن التقاعس عن هذا الملف وعدم تحقيق أهداف فيه على أرض الواقع وترك التصريحات الرنانة إلى أفعال مشاهدة، يعتبر تنازلا عن حق الكويت بالتنقيب في الحقل، فإن الترسيم يؤكد أن حقل الدرة ضمن الحدود الإقليمية الكويتية، كيف يتنازل المسؤولون عن هذا الملف ولمصلحة من؟ فإن تركه دون خطوات جادة اليوم، غدًا سيكون حقا مكتسبا ليس لدولة إيران فحسب بل لدول كثيرة.
كيفية الاستفادة
تكمن أهميته باعتباره مخزنا لإنتاج الغاز، ولكن موقعه الذي يقع في منطقة حدودية عطل إنتاجه منذ اكتشافه، ويتوقع أن يزيد الطلب على الغاز بالكويت خلال الفترات المتقاربة؛ لذلك فإن إنتاج الغاز المستخرج من حقل الدرة مهم للكويت بسبب احتياجاتها الملحة من الغاز.
ويمكن استخراج 11 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وأكثر من 300 مليون برميل نفطي، تلبية نمو الطلب المحلي على الغاز الطبيعي وسوائله، وغيرها من المكاسب التي تنعش الخزانة النفطية الكويتية، وتقوي مؤشر الاقتصاد النفطي بالبلاد.
الذي نريده هي السرعة في إنجاز الأعمال والاستغلال الأمثل لتلك الثروات الطبيعية، وتنفيذ خطوات جادة على أرض الواقع حتى نخرس بأعمالنا ألسنة الذين يطمعون في ثرواتنا.
التعليقات