تزامنت ذكرى اليوم الوطني الــ93 لبلادنا هذا العام، بحوار مهم أجرته محطة فوكس نيوز الأمريكية الشهيرة مع سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان.

ولعل كثيرين يتساءلون عن الرابط بين اليوم الوطني وبين الحوار الذي أجرته المحطة التلفزيونية الشهيرة؟

والحقيقة أن هناك ارتباطا وثيقا بين الحدث المتجدد واليوم الوطني.

ذلك أن ما جاء في خطاب سمو الأمير محمد بن سلمان في ذلك الحوار الشامل والعميق مع محطة فوكس نيوز الأمريكية، هو في تقديري يدل بوضوح: ماذا يعني لنا اليوم الوطني، خاصة ونحن نرى سمو الأمير يعدد الانجازات العظيمة للقيادة السعودية وما تخطو بها بلادنا من خطوات متناسقه ومتتابعة إلى آفاق عالمية ظلت بلادنا هي الأسبق فيها من بين الدول العربية ودول الإقليم.

وللحديث عن معنى ذكرى اليوم الوطني في هذا العام ربما كان من المهم جداً أن نتأمل في الإجابات التي عبر بها سموه عن الانجازات خلال الحوار.

فمن خلال حديثه عن التغيير والمستقبل والسلم العالمي والتطور والانفتاح وفق رؤية سموه الطموحة (رؤية المملكة 2030). كان ما عبر عنه - يحفظه الله - في الحوار العميق قد جسد حقيقة ما أصبحت عليه بلادنا اليوم بفضل الله، فما حدث قبل 92 عاماً عندما وحد الملك المؤسس بلادنا المملكة العربية السعودية كان قد وضعها منذ تلك اللحظة على سكة النماء والتقدم والتطور والانفتاح والصعود السريع في التنمية ومؤشرات قياس الدول الأسرع نمواً في العالم.

وعود على بدء لقد كان ذلك الحوار في تزامنه مع الذكرى الــ 93 لليوم الوطني بمثابة رسالة واضحة وعميقة لما يعنيه اليوم الوطني للمواطن السعودي حيث ركز سموه على القيم الإيجابية التي محورها الاستقرار والسلام، ففي غياب الاستقرار والسلم تتعطل الحياة وتتدمر مصالح الناس. ونلاحظ من خلال الحوار كان تركيزه - يحفظه الله - ليس فقط على السلم والاستقرار بالنسبة للمملكة، وإنما كذلك بالدول المجاورة لها كالعراق واليمن ومصر، وخصوصاً فلسطين.

وفي تقديرنا أن هذا الحرص من قبل سمو ولي العهد على الاستقرار والسلم هو تفكير استراتيجي بعيد العمق. فبلادنا اليوم منخرطة في مشاريع شراكة عالمية كبيرة كمشروع الممر المائي الكبير الذي يربط بين الهند و أوروبا مرورا بالمملكة العربية السعودية، والذي تم التوقيع على مذكرة تفاهم بصدده خلال مؤتمر قمة العشرين الأخيرة في الهند. فذلك المشروع العملاق الذي سيعزز التبادل التجاري، وأمن الطاقة العالمي. كما حددت مذكرة التفاهم الثنائية أطر التعاون بين البلدين لوضع بروتوكولٍ يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرةٍ للقارات، من خلال موقعنا الجغرافي الذي يربط قارتي آسيا بأوروبا.

إلى جانب ذاك يهدف المشروع إلى "تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط انابيب وإنشاء خطوط للسكك الحديدية، وتعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، وتنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ بموجيه خطوط الانتاج والطاقة والتجارة العالمية" بحسب موقع CNN الإلكتروني، الأمر الذي سيؤدي إلى ازدهار المنطقة بالمشاريع الكبرى والخطط التنموية العملاقة.

وهكذا فإن التفكير الاستراتيجي في السلم العالمي أصبح اليوم طموحا كبيراً لقيادتنا في المملكة العربية السعودية، وهو طموح تمليه عليها مكانتها الإقليمية والدولية.

ولهذا سنرى بوضوح أن احتضان الرياض وجدة للعديد من المفاوضات في أكثر من بلد عربي كاليمن وفلسطين والسودان، كلها تعكس في الأساس الرؤى الجديدة للمملكة العربية السعودية التي تربط المصالح الاستراتيجية الكبرى لها بمفهوم الاستقرار الإقليمي والدولي، لأنه فقط عبر ذلك الاستقرار تنمو الشعوب وتزدهر التجارة وتنتعش الصناعات وخطوط الطاقة. إن التفكير الاستراتيجي أصبح اليوم من مسئوليات الدور الصاعد للمملكة في المحيطين الإقليمي والدولي.

لهذا يمكن القول أن ما أصبحت عليه المملكة العربية السعودية اليوم من مكانة عالمية وسمعة دولية وشراكات استثمار استراتيجي متعدد الوجوه مع الغرب والشرق كل ذلك هو من ثمرة ذلك اليوم الوطني الفريد الذي وحد فيه الملك عبد العزيز مناطق المملكة العربية السعودية وأرسى فيها الأمن والاستقرار قبل 93 عاماً، الأمر الذي أدى إلى حلقات من التنمية والتطور المستمر في ظل ذلك الاستقرار لبلادنا.

هكذا سنجد أن ثمة علاقة عضوية واضحة في تزامن حوار محطة فوكس نيوز الأمريكية مع سمو ولي العهد مع تجدد ذكرى اليوم الوطني السعودي. فقد رأينا جميعاً خلال المقابلة كيف أن سموه خاطب العالم كله بثقة عكست قدرة بلادنا وشعبنا على المضي قدماً في طريق الشراكة مع الغرب والشرق بهدف تحقيق معدلات نمو في التنمية والاستقرار والازدهار.

إن ذكرى اليوم الوطني التي تهل علينا في دورتها الـ 93 تبدو دلالتها اليوم أكثر من واضحة في انطلاقة عبقرية الملك المؤسس عبد العزيز، من فتح الرياض في العام 1902 إلى استكمال بناء مشروع الوحدة الوطنية الذي استمر لثلاثة عقود بين 1902 إلى 1932 والذي انتهى بتأسيس المملكة العربية السعودية.

وها هي المسيرة المباركة تتمدد منذ الأمس إلى هذا اليوم الذي أصبحت بلادنا فيه من أسرع الدول نمواً في العالم نحو مستقبل مشرق وطموح عبر المشاريع الاستراتيجية الكبرى التي تؤسس لها المملكة شراكات عظيمة مع العالم.

نبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان ذكرى اليوم الوطني في دروته الـ 93 وكل عام والمملكة وشعبها في تقدم وازدهار.