اختلفت التسميات حول المحتجزين من العملية العسكرية عند تنظيم حماس، والذين وصل عددهم قرابة 240 محتجز، هل هم أسرى حرب؟ أم مختطفين؟ أم رهائن؟. بما أن المحتجزين فيهم النساء والرجال والاطفال، وفيهم الجنود والمدنيين العزل، لا يمكن أن تكون هناك تسمية موحدة لجميع المحتجزين. الجنود والمقاتلين يمكن اعتبارهم أسرى حرب، المدنيين العزل من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن هؤلاء جميعاً مختطفين ثم أصبحوا رهائن فيما بعد، لأن عملية تحريرهم وإطلاق سراحهم جاءت بشروط أو مقابل مطالب، العملية العسكرية التي تمت من قبل حماس في السابع من أكتوبر، فيها وجهان بالنسبة للمحتجزين، ما حدث من قتل وأسر العسكريين الإسرائيلين في العرف العسكري يعتبر عمل مشروع وإنجاز عسكري ميداني، أما بالنسبة لخطف المدنيين وخاصة النساء والاطفال والأجانب المتواجدين وقت العملية العسكرية فيعتبر عمل إرهابي، هذا التصرف مع المدنيين بقتلهم وخطفهم كان طعنة قوية وتشويه واضح للقضية الفلسطينية، لأن الإرهاب أصبح هاجس العالم الحر أو حتى العالم الثاني والثالث، لهذا السبب لم نسمع تأييد لسلوكيات حماس من أية دولة في العالم أو حتى من الدول العربية والإسلامية سوى إيران، ليس لأن الدول العربية والإسلامية لا تدعم القضية الفلسطينية أو أنها تخلت عن القضية الفلسطينية بل العكس هي أكثر حرصاً ودعماً وتعاطفاً مع الشعب الفلسطيني، وقلوب الشعوب والحكومات العربية والإسلامية تدمى لأجل الشعب الفلسطيني، لكنها حكومات عاقلة غير متهورة حريصة على مصالح بلدانها متحضرة سياسياً، لا تريد أن تجعل من بلدانها بلدان منبوذة أمام المجتمع الدولي وخاصة أمام الدول الغربية التي تمثل قطب التقدم والحرية في العالم، المسألة ليست مسألة غليان عاطفي، الغليان العاطفي يأتي مع المدنيين الأبرياء من سكان غزة الذين دفعوا ثمن السلوك المنحرف لحماس والعنصرية لحكومة نتنياهو.

السعودية ومصر والاردن ودول الخليج والمغرب العربي تصرفوا بمسؤولية ولم يجعلوا الأمور تذهب للإنفلات، فهم قد أدركوا اللعبة بشكل مبكر، وهم يدركون أساساً حجم وقوة وتأثير إسرائيل وأمريكا ودول العالم الغربي على المنطقة كلها، فهم غير مستعدين لإهانة أنفسهم وشعوبهم في معاداة دول الغرب المتحكمة أقتصادياً وعلمياً وتكنلوجياً وإعلامياً بأحوال الشعوب، وبنفس الوقت فأن زعماء هذه الدول المجاورة لإسرائيل عندهم تجارب خمسة وسبعين عاماً من الصراع مع إسرائيل ويعرفون أن الصراع العسكري الميداني مع إسرائيل قد أنتهى وولى الى الأبد، فلا حروب بعد حرب أكتوبر 1973 م، واليوم إسرائيل دولة لها علم ومقعد وأعتراف في الأمم المتحدة شئنا أم أبينا، ولن يستطيع أحد من إزالة إسرائيل إلا بعد ان تزال الأمم المتحدة كلها من الوجود، لذلك جعلت الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية من الاسلوب السلمي والسياسة والدبلوماسية والحوار هو السبيل الوحيد الذي ممكن أن يجلب السلام والحقوق ويبني البلدان... الدول الغربية وأمريكا قادرون على كسر ظهر أكبر بلد في العالم بدون حرب فقط بالحصار الاقتصادي، هذه حقيقة يجب الاعتراف بها، أنظروا الى حال إيران في ظل الحصار الذي تفرضه أمريكا لوحدها على إيران، لا تنظروا للإعلام بل أسألوا المواطن الإيراني البسيط هو من سيعطيكم الجواب الصحيح، سيقول لكم أن الحصار الأمريكي جعلنا نذهب نحن الإيرانيين على شكل مجاميع مليونية للعراق بحجة الزيارات الدينية فقط لنشبع بطوننا من الطعام الذي يقدموه لنا العراقيون مجاناً، اسألوا العراقيين سيؤكدون لكم هذا الكلام، فهل الدول العربية والإسلامية غبية وجاهلة لهذا الحد الذي تجعل فيه شعوبها مهانة لهذه الدرجة؟ وهل من الأخلاق والدين والثقافة والمنطق أن ترص الصفوف مع دولة تدعي المقاومة والممانعة وبنفس الوقت قتلت الملايين من شعوب المنطقة الإسلامية، لو أن إسرائيل أستمرت ألف عام في قتل الفلسطينين فلن تبلغ معشار ما قتلت إيران من المسلمين العرب في سوريا والعراق ولبنان واليمن من الشيعة والسنة معاً ومن الكورد في كوردستان ومن الأسرى العراقيين ايام الحرب مع العراق. كل الحركات والتنظيمات والاحزاب في جميع الدول العربية والإسلامية والتي وضعت يدها بيد إيران سيكون مصير بلدانها نفس مصير غزة عاجلاً أو آجلاً، ويكفي أن تنظروا الى غزة وشمال ووسط سوريا والى أجزاء كبيرة من العراق بملايين النازحين واليمن وقد يكون القادم أكثر سوءاً لأن الشيطان الإيراني ما زال بمأمن من العذاب.

نعم حماس قدمت غزة قرباناً لإيران وهكذا سيفعل حزب الله مع لبنان وكذلك ستفعل جميع التنظيمات والمليشيات التي زرعتها إيران في البلدان العربية، نعم ستفعل الأسوأ ببلدانها إكراماً لإيران ولن تتوقف أنهار الدم ما دامت إيران في الساحة.. حتى الشعب الإيراني لا يستحق هذه الذلة التي يعيشها بسبب الدموية السياسية لحكومة إيران.. وللأسف أقولها بكل ألم كلما حاولت أن أجبر نفسي لكي اتفائل بنهاية معركة غزة نهاية سلمية وامكانية إستتباب الأمن في المنطقة أجد نفسي في قمة السذاجة لأن الطرف الذي يحمل عود الثقاب في هذه البقعة النفطية هو الطرف الممتلىء صدره قيحاً من الحقد والكراهية على شعوب المنطقة ولا يتوانى في حرق كل شيء، اتمنى ان اكون مخطئاً.