يطرح رئيس الوزراء البريطاني، الهندي الأصل، ريشي سوناك مشروعاً أمام البرلمان البريطاني لترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا. ويعد هذا المشروع الاكثر تشدداً على الإطلاق ضد الهجرة القسرية حسب وصف الحكومة البريطانية، وهي من المعضلات الصعبة أمام الحكومة المحافظة قبل أشهر من الانتخابات التشريعية المقبلة. وقد عُد سلوكاً مستهجناً من سوناك ضد المهاجرين الذين ينتمي لهم هو بالأصل، حيث هاجر والداه إلى الممكلة المتحدة من الهند في ستينيات القرن الماضي، ونالت عائلته فرصة العيش الكريم والتعليم التي يبحث عنها معظم اللاجئين القادمين إلى المملكة المتحدة. فلماذا يعادي سوناك جماعته الأصلية التي لم يعادها الإنجليز الأصليين قبله بهذا القدر؟

يقول التاريخ الأميركي إنه قبل حظر تجارة العبيد في ولايات الغرب الأوسط المتوحش، كان أصحاب الأراضي البيض يقومون بتعيين أشد العبيد شراسة ليكونوا رؤساء على العبيد العاملين في خدمة الأسياد البيض ومزارعهم، وذلك للسيطرة عليهم، وكان اللافت أن العبد - الرئيس يكون أكثر وحشية من سيده، حيث يتمنى العبيد المرؤسين أن يحكمهم صاحب المزرعة الأبيض على سوئه، على أن يكون رئيسهم من أبناء جلدتهم.

يعاني دائماً المنخرط في جماعة لا ينتمي إليها بالأساس من معضلة إثبات الوجود، حيث يعتنق مبادئ الجماعة بشكل متطرف، وذلك إيماناً منه أن ذلك سيجعله ذا شأن أكبر في الجماعة التي يعاني الوحدة فيها، إذ يجد هذا المنخرط نفسه بين جماعته الأصلية الكاره لها والساعي لدفنها في عقول الآخرين، وبين الجماعة الجديدة التي لا تتقبله بشكل مبطن، فلا يجد نفسه لا هنا ولا هناك، ولكنه يبقى بمسعاه الذي يجعله متمسكاً بمبادئ الجماعة الجديدة بشكل أقوى من أفرادها الأصليين.

في كل الأحوال، تعاني البلاد الغربية ازدواجية المعايير في كل شيء، فهي تنادي بالتعدد العرقي وتكره المهاجرين، وتنادي بحقوق السود والملونيين، ويقتلون في شوارع أميركا وفرنسا وبعض الدول الغربية، وتنادي بحرية اعتناق الأديان، وتمنع الحجاب، وتنادي بحقوق الإنسان، وتدمر دولاً بأكملها وتطرد المهاجرين منها. إنَّه الغرب الذي ما زلنا نبحث عن طريقة لفهمه.