تعلمنا مذ كنا صغاراً أن الإدمان يؤدي إلى طريقين لا ثالث لهما، الأول هو الضياع في طريق المجهول، وقد ينجو الفرد منه إذا توافرت عوامل مساعدة أهمها الترابط الأسري ووجود نية للتغيير وتوفُّر العلاج المناسب في الوقت المناسب، أما الثاني فهو الموت للأسف الشديد عندما ينهار جسد الإنسان المدمن بعد تخطيه مرحلة معينة.
والإدمان مصنَّف عندنا إلى إدمان على المشروبات الكحولية، أو إدمان المواد المخدِّرة المختلفة، لكننا الآن نجد إدماناً من نوع آخر، إنه إدمان ملامحه ما زالت مجهولة للكثيرين!
لقد اهتز الإعلام العالمي على لعبة يتم تحميلها على أجهزة الموبايل، متكونة من عدة مراحل، كل مرحلة فيها نوع من الخطورة، حتى ينتهى الأمر بمن اشترك بهذه اللعبة إلى الانتحار، وقد نجا منها عدد قليل جداً، وصنَّف المختصون اللعبة بأنها تجعل مستخدمها مدمناً وتُدخِله في دوامة حتى تقضي عليه، وبعد أن اطلع عليها اختصاصيون في علم النفس، قالوا إنَّ المشرف على اللعبة لا يعقل أن يكون إنساناً عادياً، فاللعبة معدة بطريقة بارعة ومدروسة للقضاء في النهاية على من يلعبها، فينهي حياته بيديه، سعيداً راضياً وهو على أتم القناعة أنه نفذ مهمة جليلة.
والآن نجد ألعاباً كثيرة يستخدمها الملايين، صحيح أنها ليست قاتلة، لكن علماء النفس صنَّفوا مستخدميها بالمدمنين، فلم تعد حياتهم طبيعية لأن عقولهم وحواسَّهم ليست منصبة على واقعهم الذي يعيشونه، بل على اللعبة التي تشغل وقتهم بالكامل، حيث وصل الأمر أن بعضهم لا يخرج إلا نادراً، ويتناول الطعام سريع التحضير أو من المطاعم عبر طلبات التوصيل. والمحزن أنَّ من يصل إلى درجة الإدمان القصوى يرتدي "حفاظات" للكبار، فهو يرفض أن يذهب إلى بيت الخلاء لقضاء حاجته، خوفاً من أن تضيع دقائق معدودات من وقت اللعبة الغارق فيها.
أمَّا الإدمان الآخر فهو إدمان المشاهد الجنسية التي باتت مباحة على شبكة الإنترنت لكل من هبّ ودب، وهذا الإدمان له جوانب اجتماعية وسلوكية غير محمودة ومخيفة، أشبعها علماء النفس دراسة وبحثاً، وبتنا نسمع كل يوم عن حوادث تهز مجتمعاتنا، حيث يرى المدمن كل إنثى تصادفه من منظور جنسي بحت، لأن غرائزه مضطربة وفي حالة غليان، لكثرة ما يملأ عقله بمشاهد جنسية، ويريد تطبيق ما يراه بحذافيره.
التعليقات