وفقاً لتصريحات الحرس الثوري الإيراني لنظام ولاية الفقيه، استهدف الحرس الثوري الإيراني إقليم كردستان في العراق وسوريا بنحو 24 صاروخاً في ليلة 15 كانون الثاني (يناير). هذا العمل العدواني هو قبل كل شيء دليل على حقيقة أنَّ نظام ولاية الفقيه هو البادئ بالحرب في الشرق الأوسط. فقد تم إطلاق هذه الصواريخ مباشرة من داخل إيران، وأعلن الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عنها رسمياً، وبررتها وزارة خارجية النظام الإيراني مراراً وتكراراً ودافعت عنها.
السؤال المطروح الآن هو لماذا اتخذ النظام الإيراني قراراً خطيراً مثل هذا؟ في حين يعلم خامنئي وحرسه الثوري أنَّ المجتمع الدولي سيدرك عاجلاً أم آجلاً أنَّ "رأس أفعى إثارة الحرب في الشرق الأوسط" يكمن في طهران، وسيتلقى "الرد بالمثل"!
رأس الأفعى في طهران
هذه صيغة دقيقة لاكتشاف جذور العديد من المشاكل في الشرق الأوسط، والطرف الذي اكتشف ذلك ويحمل لواءه هو الند الرئيسي الوحيد للدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
تمثل هذه الصيغة استراتيجية مبدئية وأصلية وشعبية لطالما دعا إليها المجتمع الدولي في العقود الأخيرة، وخصوصاً في الأشهر الأخيرة، لأن الدكتاتورية الحاكمة كان لها، ولديها، سجل مليء بانتهاكات القيم وانتهاكات حقوق الإنسان داخل إيران وخارجها.
إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟
حتى الآن، لم تعلن أيّ حكومة الإطاحة بالدكتاتورية في إيران، ولم يدع أي فرد أو حركة نضالية أو شعبية في إيران ذلك. إنَّ الإطاحة بالدكتاتورية في إيران هي عمل الشعب ومقاومته. ومع ذلك، كان استرضاء الدكتاتورية في إيران دائماً "عقبة مهمة" في طريق المقاومة الشعبية وعمل كعامل لبقاء الدكتاتورية في إيران. وبعبارة أخرى، لو لم يكن هناك سياسة استرضاء للدكتاتورية، فإنَّ النظام الثيوقراطي ما كان موجوداً ولكان الوضع في إيران والمنطقة مختلفاً عما هو عليه الآن.
تغير الزمن
مع الانتفاضة الشعبية في إيران عام 2022، وخصوصاً مع إثارة الحرب الأخيرة من قبل النظام الثيوقراطي في الشرق الأوسط، تجاوزت مواجهة الشعب مع الدكتاتورية "نقطة تحول"، لأن:
أولاً: رأى العالم وسمع أن الدكتاتورية الدينية في إيران هي نظام غير شرعي والشعب الإيراني لا يرغب فيه. ونتيجة لذلك، فإنَّ هذا النظام لا يمثل الشعب الإيراني في المجتمع الدولي.
ثانيآً: على مدى السنوات الـ45 الماضية، دفع الشعب الإيراني ثمناً باهظاً جداً من أجل الحرية والديمقراطية، ليس فقط لإيران، ولكن أيضاً لتسجيله في تاريخ دول العالم في السعي لتحقيق الحرية وحقوق الإنسان.
إقرأ أيضاً: غاندي والفلسفة المناهضة للعنف
ثالثاً: ساهمت سياسة استرضاء الدكتاتورية دائماً في بقائها، وكان الشعب الإيراني أول ضحايا هذه السياسة المشؤومة.
لذلك، ليس من الصعب العثور على إجابة للسؤال السابق؛ إنَّ الدكتاتورية الدينية الحاكمة داخل حدود إيران ضعيفة جداً وهشة وآخذة في الانهيار. يرتكب النظام في مرحلة سقوطه أي جريمة مما يشكل إحدى علامات نهاية هذا النظام.
بالرغم من أنه لم يكن هناك شك في الدوائر الواعية في العالم وبين الناس ومقاومتهم بأن بدء إثارة الحروب في الشرق الأوسط كان من قبل دكتاتورية ولاية الفقيه، إلا أنَّ تصرفات النظام الأخيرة من قبل الحرس الثوري الإيراني من داخل إيران ضد العراق وباكستان لم تترك أي غموض بأنَّ "رأس الأفعى هو نظام ولاية الفقيه المحرضة على الحرب في طهران".
إنَّ الادعاءات السخيفة لدكتاتورية ولاية الفقيه في التحريض على الحرب وإطلاق الصواريخ الأخيرة للدفاع عن أمن البلاد تذكرنا بالادعاءات وتسمية حرب النظام التي استمرت ثماني سنوات مع العراق تحت اسم "الدفاع المقدس". في تلك الحرب كان الخميني في ظل الدعم الغربي له المؤسس والسبب الرئيسي في إشعالها. لكن منذ اليوم الأول كان واضحاً للشعب ومقاومته أن إثارة الحرب للنظام الإيراني كانت غطاء لقمع الحريات داخل البلاد وإلغاء الديمقراطية من المجتمع الإيراني.
إقرأ أيضاً: ماذا ينتظر المجتمع الدولي بعد اعترافات الحرس ومحاكمة نوري؟
في سجل نظام ولاية الفقيه، تسميات "إثارة الحرب" و"تصدير الإرهاب" أخذت مسميات "الدفاع المقدس" و"الأمن القومي"، وتسميات "قمع وتعذيب وإعدام وقتل المعارضين" أخذت تسميات "العقاب الإسلامي"، وأي معارضة لدكتاتورية ولاية الفقيه توصف بأنها "معارضة للإسلام". لهذا السبب، يسعى الشعب ومقاومته إلى إسقاط الدكتاتورية الدينية في إيران منذ أكثر من أربعين عاماً، ولم يتخلوا عن هذا المطلب المشروع والحق غير القابل للتصرف، ودفعوا ثمناً باهظاً له. يعتقد الشعب ومقاومته أن دكتاتورية ولاية الفقيه هي عدو إيران وعدو الإسلام وعدو الشعب الإيراني والمنطقة. لهذا السبب، فإن النظام الحاكم مرعوب من انتفاضة الشعب واستمراريتها.
تاريخ كل أمة هو دليل على حقيقة أنَّ الناس يحصلون على ما يريدون. وعلى وجه الخصوص، لدى الشعب الإيراني الآن شبكة واسعة من وحدات المقاومة في جميع أنحاء إيران. تركز هذه الوحدات على ضرب رأس أفعى الولاية بالحجارة وإنهاء هذا السجل الكامل من النهب والقتل وإثارة الحرب، وطي صفحة نظام ولاية الفقيه وجهازه للقمع والقتل، المتمثل في الحرس الثوري، مثلما جرى طي صفحة دكتاتورية الشاه في إيران إلى الأبد. فهذه الوحدات تبشر بالسلام والأمن والتعايش في إيران والمنطقة.
التعليقات