إحتفال مزيَّف؛ احتفال الصحافة الإسرائيلية بالتدابير التي اتخذتها محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل لعدم وجود تدبير بينها يلزمها بوقف إطلاق النار في محاولة منها لمداراة عارها وشنارها في هزيمتها النكراء والتغطية على فشلها وحفظ ولو قطرة من صديد وجهها القبيح في هذا المحفل الدولي.
لقد كان احتفالها لإقناع نفسها وحكومتها وجيشها ومن خلفهم أميريكا أن هناك في هذه التدابير ما يخدم إسرائيل ويصب في مجرى مصلحتها. نعم صحيح فهي تدابير غير كافية لأنها لا ترقى إلى مستوى الطموح في إدانة المعتدي المتغطرس، وغير حازمة، فهي تفتقر إلى الجدية الحاسمة في حكمها بين الحق والباطل، فضلاً عن أنها غير ملزمة، فيبدو أنَّ هناك اتفاقاً جرى خلف الكواليس للتخفيف من حدتها القانونية تجاه إسرائيل.
لهذا، ولآخر كثير غيره مرصود إقليمياً ودولياً من أن إسرائيل دولة فصل عنصري متطرفة غاية التطرف، لا تقبل بكل حال أن يشاركها الفلسطينيون في أرض فلسطين من طريق أن تكون لهم دولة مستقلة كما لليهود.
إقرأ أيضاً: في مزايا الصلع ومناقب الرجل الصليع
لقد كان احتفالها احتفالاً مزيفاً محفوفاً بالبهتان السياسي الداخلي والتواطؤ الخارجي معه، من أجل التغطية على هزيمة إسرائيل في هذا المحفل الدولي المهم، وهو محكمة العدل الدولية، التي أصدرت قراراً مهماً جداً بإدانة أعمال الإبادة في غزة، وبالرغم من أنَّ التدابير التي يتضمنها هذا القرار المهم ليست بالقوة المطلوبة المتمثلة بقرار يفضي إلى إلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار في القطاع، إلاّ أن هذه التدابير تمثل صفعة قوية يلطم بها المجتمع الدولي وجه إسرائيل الإجرامي، ويجعل من إجرامها في غزة حالة مرفوضة من المجتمع، بالرغم من الدعم والتسويغ الأميركي له، والذي يكشف عن الوجه الدموي الكالح للإدارة الأميركية.
إقرأ أيضاً: "القوات الوكيلة": أداة النظام الإيراني لترويج الحرب وخلق الأزمات!
تكمن قوة تدابير محكمة العدل الدولية ليس في سندها القانوني، لكن في وقوف الكثير من الحكومات إلى جانبها وتأييدهاو أي أنها اكتسبت رصيداً رسمياً كبيراً على مستوى الحاكمية السلطوية في العالم، فضلاً عن رصيدها الشعبي الإقليمي والعالمي الذي تمظهر بمظاهرات واحتجاجات في دول العالم بشكل صاخب وواسع، وكمثال ما شهدته إيطاليا، حيث احتشد عدة آلاف في الشوارع في أرجاء مختلفة من إيطاليا، ليشاركوا في مظاهرات حاشدة دعماً للفلسطينيين بالرغم من حظر الشرطة الإيطالية للفعاليات التي تأتي في اليوم العالمي لذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية) وهذا يعني أن الشعب الإيطالي أدرك أكاذيب الصهيونية، وتخلى عن تأييدها، مشاهداً صباح مساء جرائم الإبادة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق قطاع غزة. واحتشد نحو 1200 شخص في الشوارع بميلانو، حيث وقعت اشتباكات مع الشرطة. وهتف بعض المتظاهرين ضد إسرائيل وحملوا ملصقات تتهمها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
إقرأ أيضاً: استراتيجية نظام الولي الفقيه بين أزمة غزة والأزمات الداخلية
هذه أمثلة على أن تدابير محكمة العدل الدولية أثرت بشكل بالغ على المستوى الجماهيري، وكذلك على المستوى السياسي والدبلوماسي الحاكم في العالم، وهو يعني من بين ما يعنيه أن شعوباً كانت داعمة ومؤيدة لأسرائيل قد غيرت مواقفها واصطفت إلى جانب الشعب الفلسطيني، وكذلك غيرت دول بعض ثوابت سياساتها من السيناريوهات باتجاه دعم فلسطين، بعد أن كانت تساند إسرائيل وتقف إلى جانبها.
التعليقات