صدر العديد من التقارير من مؤسسات تحليلية تؤكد أنَّ قوات التحالف كان يمكنها تجنب قتل ثلاثة من جنودها في قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، والتي تم استهدافها بصواريخ المقاومة، ما ينبغي أن يكون دافعاً لتسريع خروجها من سوريا والعراق، وتقليل المخاطر المحدقة بجيوشها المنتشرة في منطقة الشرق الاوسط، في حين أن عملية التصعيد التي تمارسها خطأ ربما يؤدي الى زيادة التوتر والمواجهة.

المهمة التي من أجلها جاءت قوات التحالف الدولي إلى المنطقة قد انتهت بنهاية عصابات داعش الإرهابية، ويمكن أن يكون هناك استخدام للتقنيات الحديثة في مراقبة المنطقة من خلال القواعد العسكرية الثابتة في تركيا أو قطر أو الكويت، بدلاً من الدخول في صراع ربما يدخل المنطقة في حرب لا تنتهي سريعاً، وتكون وطأتها أشد على التحالف الدولي، والذي لا يسعى لأي اقتتال يخسره المزيد من أرواح جنوده، ويعزز حالة الصراع الدائم فيها.

إقرأ أيضاً: حرب السيوف الحديدية واليوم الذي سيلي

تعزز بعض الرؤى فرضية أن الضربات الموجهة إلى القواعد العسكرية في سوريا والعراق توفر الأمن لقوات التحالف الدولي، وأن الخطر ينحسر في ظل هذه الضربات، لكن هذا التحليل لا يصمد أمام الواقع الحقيقي لطبيعة المنطقة، وطبيعة القوة العسكرية المتواجدة فيها، كما أنه يسيء لفهم المنطقة لطبيعة التحديات والمخاطر المحدقة فيها، لذلك بات من الضروري النظر إلى مستقبل المنطقة من دون التحالف الدولي، لأن هناك العديد من الدول تريد خروج القوات الأميركية منها مثل تركيا والعراق وسوريا، حيث يعاني الشعب السوري خصوصاً من حصار اقتصادي خانق بفعل العقوبات الأميركية، بالإضافة إلى وجود قوات أميركية تحتل 30 بالمئة من الأراضي السورية، وتقوم بسرقة النفط من آبارها.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

الحكومة العراقية تعرضت للكثير من الاستفزاز من قبل التواجد الأميركي في البلاد، خصوصاً بعد استهداف عدد من القيادات في الحشد الشعبي، والذي أدى إلى تصاعد وتيرة الهجمات التي تشنها فصائل المقاومة على القواعد العسكرية سواءً في العراق أو المنطقة عموماً، كما أنَّ واشنطن وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الحكومة العراقية، إذ أن الحشد الشعبي يعد إحدى التشكيلات العسكرية التابعة للقوات الأمنية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة، ما يعني أنَّ المواجهة باتت واضحة ومباشرة.

إقرأ أيضاً: الرأس وليس أذرع الأخطبوط

إنَّ حالة إشعال المنطقة لن تحل أي مشكلة فيها، ولن تحل أي خلاف بين الدول المتصارعة، خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، وهذا ما يؤجج المشاعر المعادية للغرب في جميع أنحاء العالم، كما أنَّ قوى المقاومة في المنطقة لا يمكن الانتصار عليها أو دحرها بالقوة والضربات الانتقامية، خصوصاً في ظل حالة الظلم التي تتعرض لها شعوب المنطقة، وفكرة تواجد الجنود الأميركان في معسكرات في الصحراء منتشرة بمساحات كبيرة لا يمكن الاعتماد عليه كثيراً، ويبقى مجرد آمال لا يمكن تحقيقها، فلا الشعوب تقبل بهذا الأمر، ولا الحكومات سوف تستمر بتقديم الدعم والحماية.