إذا قيل لك أنت ممل من فرط روعتك، أنت رائع إلى حد الملل، هل تراها كلمات براقة بلا معنى؟ الحقيقة أنها واقع مؤلم ومثير للجدل في عالم كرة القدم، بل هي اتهام للإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمان سيتي، الذي تتحول أمامه الأندية المنافسة في أغلب الأحوال من المشاركة في المباريات إلى المشاهدة وكأنها جمهور في المدرجات، حيث يحكم فريق بيب سيطرته على كل شئ، ومن ثم قد يشعر البعض بالملل من هذا العزف المنفرد.
غاري نيفيل نجم مان يونايتد السابق، والمحلل الكروي الحالي، قالها قبل أيام، وأكد أن الأندية التي يتولى غوارديولا تدريبها مملة وغير قابلة للمشاهدة، فما كان من صحفي بريطاني إلا أن نقل ما قاله نيفيل لغوارديولا، فكيف كانت ردة فعله؟ ردَّ قائلاً :"شكراً لا أعرف ماذا أقول أمام هذا المديح وتلك المجاملة".
إقرأ أيضاً: ريال مدريد القوة المالية "العاقلة".. دخل ملياري ونفقات مليونية
رد المدرب الاسباني الملقب بالفيلسوف يكشف عن ذكاء حاد، فقد كان ممكناً أن يعتبر كلمة "ممل" إهانة أو انتقاد، وربما تقليلاً من شأنه ومن عمله الذي يقوم به، وتشكيكاً في جمال مدرسته الكروية الهجومية.
ومن المؤكد أن ما قاله نيفيل كان يقصد به التقليل من شأن غوارديولا بطريقة ما، وهي فكرة مكررة قالها من قبل جوزيه مورينيو، ولقيت أصداء إعلامية وجماهيرية كبيرة من "أعداء المتعة" ومن لا يطيقون المدرب الاسباني، لأنهم ببساطة لا يمكنهم مجاراته في أفكاره وسيطرته وروعته، ولا يمكن للأندية التي يشجعونها أن ترتقي لأداء أندية المدرب الإسباني.
إقرأ أيضاً: مبابي ينتصر على ماكرون وفايرة
عزيزي بيب كن مملاً أكثر من ذلك، ولا تلتفت لمن يتهمونك بأنك "عبقري أكثر مما يجب"، ورائع إلى حد الملل، وفي نهاية المطاف سيكون من الجنون أن نتهم أحداً بأنه متفوق أكثر من اللازم، أو مبدع بفارق لا يمكن استيعابه، حيث يتوجب على المنافسين أن يجدوا لأنفسهم طريقة مشروعة للوقوف في وجه إبداع غوارديولا، وقد فعلها يورغن كلوب بفريق ليفربول في بعض الفترات، ولكنه بالطبع لا يقوى على فعلها طوال الوقت.
ولأن غوارديولا يحترم ما قام به كلوب مع ليفربول، فقد امتدحه قائلاً إنه يدفعه إلى حافة الكمال، أي أن كلوب جعل غوارديولا أكثر إبداعاً، ومؤخراً وعقب إعلان كلوب الرحيل عن ليفربول، خرج المدرب الإسباني بكل تواضع قائلاً :"سوف أعرف النوم جيداً الآن، لم يكن النوم يعرف طريقه إلي قبل مواجهة ليفربول".
إقرأ أيضاً: صلاح بين السعودية وقطر
في النهاية يجب أن يعلم من ينتقدون الإبداع، ويصفونه بالملل، أنهم أكثر قرباً من الفشل، أو في أفضل الأحوال هم "عاديون"، ونعت الفريق الذي يسيطر ويهاجم ويتحكم في المباريات ويتوج بالبطولات بأنه يجعل كرة القدم مملة ما هو إلا جريمة في حق الإبداع، فلتكن مثل غوارديولا إن استطعت أو تكتفي بالمشاهدة.
التعليقات