الوضع الحالي في قطاع غزة مروع للغاية، إذ تقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، منذ 146 يوماً باستهداف المدنيين الفلسطينيين، الأطفال منهم والنساء، بالأسلحة الفتاكة، وتدمر المباني السكنية والبنى التحتية وتستهدف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء، كما تدمر القطاع الصحي بشكل ممنهج. وبينما تواصل حكومة التطرف الإسرائيلية ممارسة حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، يقف المجتمع الدولي متفرجاً، ولا يشكل هذا الموقف خذلاناً للشعب الفلسطيني وحده، بل للإنسانية جمعاء.

إقرأ أيضاً: سكان غزة يموتون جوعاً

ما يحدث في غزة وصمة عار على ضمير الإنسانية، فبدلاً من أن يثور المجتمع الدولي على هذه الوحشية، يتم تطبيع إجرام إسرائيل وتبريره تحت مسمى الدفاع عن النفس. إن كل من يستخدم هذه الحجة يساهم في الإبادة الجماعية ويمكن إسرائيل من الاستمرار بمشروعها الاستعماري واضطهادها للشعب الفلسطيني، فهو شريك في الجريمة ولا يمكن إلا أن يكون خارج نطاق التاريخ، ولا بد من وقوف المجتمع الدولي عند مسؤولياته، والقيام بأقل ما هو مطلوب، وممارسة الضغط لوقف العدوان وبشكل فوري، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون تأخير.

جرائم الاحتلال تتواصل، ويتم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال، وما تقوم به حكومة التطرف الإسرائيلية من الضغط على شعبنا في مدينة رفح الآن باعتبارها آخر ملاذ له، يشكل استمراراً لمسلسل المجازر الدموية، وينذر بجريمة كبرى، كون رفح تضم أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني، ويأتي ذلك استمراراً للمخطط الإسرائيلي لإبادة الشعب الفلسطيني أو تهجيره قسراً من أرض وطنه.

إقرأ أيضاً: الإخفاق الدولي وتفاقم المعاناة الفلسطينية

بالمقابل، تتواصل جرائم إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في الضفة الغربية بما فيها القدس، والاجتياحات للمدن والبلدات والمخيمات، والقتل الجماعي، وإرهاب المستعمرين، خصوصاً قبل بدء شهر رمضان المبارك، ومخططات الاحتلال في الاعتداء على حرية أبناء شعبنا في العبادة خلال الشهر الفضيل.

حكومة الاحتلال خلال عدوانها انتهكت القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وقرارات محكمة العدل الدولية، وتجاهلت بالكامل محكمة العدل الدولية، واستمرت في جرائمها الرامية إلى التطهير العرقي والتجويع، وهذه المجاعة والتطهير إذا ما استمر سوف يشكل كارثة كبرى في تاريخ الإنسانية وتكون عاراً على العالم أجمع.

حكومة الاحتلال بدأت حربها ضد المؤسسات الدولية وكل من ينتقد سياستها، وخصوصاً ضد الأونروا، للتشهير بها وتقويض دعم المانحين لها لتقريب الوكالة من الانهيار لطمس قضية اللاجئين الفلسطينيين ومحوها، ولا بد من أن يحاسب المجتمع الدولي قادة الاحتلال والمتطرفين الذين يعملون على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم لارتكاب إبادة ضدهم.

إنَّ تصويب هذا الوضع المشين يتطلب وقف إطلاق نار فوري، ومحاسبة إسرائيل، ووقف اجتياح رفح، بالإضافة إلى إيصال المساعدات الإنسانية لكل غزة وإدخال السلع التجارية. إنَّ استخدام الغذاء كسلاح لمعاقبة الفلسطينيين ليس سراً، وقد أعلن عن ذلك منذ شهور على لسان ضباط كبار في جيش الاحتلال، وعلى لسان أعلى الشخصيات السياسية، كما أن إسرائيل تستخدم التجويع والتهجير القسري، وهددت باجتياح رفح بما زاد المخاوف في هذا الصدد.

إنَّ انعدام الأمن الغذائي في غزة هو نتاج عدم تنفيذ مجلس الأمن قراراته، ولا بد من أن يعمل مجلس الأمن على كفالة النضال المشروع للشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره وحريته، والتي تحظى بالدعم الكامل كما ورد في ميثاق الأمم المتحدة.