إذا كان هناك نجم متألق في عالم الرياضة، وقد تحول إلى مجرم شديد الخطورة، وعتيد الإجرام فبدون شك سيكون الهندي بان سينغ تومار، وهو واحد من نجوم ألعاب القوى في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي على المستوى الآسيوي، والذي تورط فى أعمال إجرامية خطيرة حتى بات زعيم ورئيس إحدى أخطر العصابات في الهند.

ضابط صف
ولد بان سينغ تومار في الأول من كانون الثاني (يناير) 1932 في بهايدوسا، القرية الهندية الصغيرة الواقعة على ضفاف نهر شامبال، والتي تتبع حي تونوارغر بمقاطعة جواليور الشمالية، وينتمي إلى عائلة تومار التي تمتلك مُعظم الأراضي الزراعية الخصبة في منطقة بهايدوسا وما حولها.

دخل بان سينغ الجيش الهندي كضابط صف في العام 1950، حيث التحق بسلاح المُهندسين، وهناك فاجأ كبار القادة بمستواه، ومهاراته الرياضية في مُسابقات العدو، بالرغم من عدم اهتمامه بالرياضة، فعقب خلاف مع أحد الضُباط الكبار الذي أمره بالركض عدة لفات في أرض المُعسكر كعقوبة، وبينما كان سينغ يجري، لفت انتباه بعض القادة الآخرين، فنال إعجابهم وعلى الفور تم إصدار الأوامر بضمه إلى السرية الرياضية التي كانت تعتمد على نظام غذائي خاص لرياضيي الجيش حتى يتمتع بمزايا، وفوائد أخرى.

بطل رياضي
تم اختيار بان سينغ تومار للتدريب على سباق 5000 متر، وأقنعه مُدربه بالركض لمسافة 3000 متر حواجز، ثم شارك في المُسابقات المحلية الهندية، وفاز بالميدالية الذهبية لسباق الموانع سبع سنوات على التوالي، وسجل العداء الذي بات من أشهر العدائين الهنود رقماً قياسياً قدره 9 دقائق وثانيتين في سباق حواجز 3000 متر، والذي ظل دون كسر لمُدة 10 سنوات، ثم مثل الهند في دورة الألعاب الآسيوية 1958 في طوكيو باليابان، ولكنه لم يستطيع تحقيق أي إنجاز يومها باسمه.

إحباط وتألق
عندما اندلعت الحرب الصينية الهندية عام 1962، ثم الحرب الهندية الباكستانية في العام 1965، إنتاب بان سينغ تومار شعور كبير بالإحباط لعدم السماح له من المُسؤولين بالجيش الهندي بالذهاب إلى الحدود للقتال، حيث كانت القرارات وقتها تقضي بعدم مُشاركة الرياضيين في الحروب، والمعارك القتالية، بعدها شارك سينغ عام 1967 في الألعاب العسكرية الدولية، وفاز بالميدالية الذهبية في سباق الحواجز قبل انتهاء مسيرته الرياضية العام 1972.

بداية الإنحراف
ذات يوم جاء شقيقه من قريته لزيارته في أحد المعسكرات، وأخبره أن بعض مُمتلكاتهم قد أغتصبها أحد أقاربهم من عائلة بهانوار سينغ، وهم أبناء عمومتهم، فقرر التقاعد من الجيش الهندي، بالرغم من عرض المسئولين عليه منصب مُدرب ألعاب قوى، ولكنه غادر إلى بلدته من أجل تسوية تلك النزاعات العائلية.

عند وصوله إلى المنزل حاول حل المُشكلة بطرق ودية، وسلمية حتى إنه طلب المُساعدة من ضابط الشرطة بالمنطقة، ومعه بعض القيادات المحلية، لكن لم يجد هؤلاء استجابة لفض النزاع من أفراد الطرف الآخر الذين اعتدوا على ابنه بالضرب المُبرح.

وقتها، فوجئ بان سينغ تومار بهجوم ضاري على كل أفراد عائلته من أقربائه، ومعهم مجموعة من المُجرمين والخارجين عن القانون، فتمكن مُعظم أفراد العائلة من الفرار، لكن أمه تم ضربها بوحشية بالإضافة إلى شقيقه، حتى فارقا الحياة، فقرر الانتقام لوالدته وأخيه، خصوصاً أن عائلة بهانوار سينغ، ورفاقهم حاولوا قتله أيضاً، لكنه استطاع النجاة بأعجوبة.

زعيم عصابة
بعد صراعه القاتل، والمُميت مع أبناء عمه من عائلة بهانوار سينغ بدأ نجم العاب القوى السابق بان سينغ تومار بتشكيل عصابة من أصدقائه، وبعض المُجرمين، واللصوص، ومحترفي الإجرام، حيث بدأوا في خطف أبناء وأقارب رجال الأعمال الأثرياء في المنطقة، وابتزازهم عن طريق طلب فدية من أجل إطلاق ذويهم، حتى يجمع تومار الأموال اللازمة للصرف، والإنفاق على عصابته حتى تقوى شوكتهم، وذلك بجلب الأدوات، والأسلحة، والذخيرة اللازمة في أعمالهم الإجرامية.

المُجرم القاتل
بعد الإستعداد الجيد، رتب بان سينغ تومار وعصابته لهجوم كبير على عائلة بهانوار سينغ التي كانت تتمتع بحماية رجال الشرطة، واستطاع الرياضي المتألق سابقاً الذي تحول إلى مُجرم، عتيد الإجرام، وقاتل، أن يقتل كبير أسرة بهانوار سينغ بعد مُطاردة قصيرة، وكعمل انتقامي لمقتل شقيقه ووالدته قتل سينغ تسعة قرويين أصبحوا مخبرين للشرطة الهندية، وأبلغوهم عن مخبئه، تسبب هذا الحدث في إثارة ضجة كُبرى في القرية، وبين أفراد البوليس الهندي، وأيضًا بين قُطاع الطرق، والعصابات التي حثت بان سينغ تومار على الاستسلام حتى يتم إلغاء مُطاردة الشرطة له، لكنه رفض.

مقتل بان سينغ
أصبح بان سينغ تومار مطلوباً من قبل الشرطة التي كثفت جهودها من أجل اعتقاله، وقد تلقي المُتمرد، وزعيم عصابة اللصوص، والقتلة والمجرمين عدة نصائح من قائده السابق بالجيش للاستسلام، لكنَّ بان سينغ تومار رفض كل مُحاولات النُصح، والإرشاد من أجل العودة الي الطريق الصحيح.

وفي 1 تشرين الأول (أكتوبر) 1981، تمت مُحاصرة سينغ وعصابته في مخبئهم من قوة شرطة قوامها 500 شرطي، وفي مواجهة واشتباكات عنيفة بين الطرفين استمرت 12 ساعة من تبادل إطلاق النار، استطاع رجال الشرطة قتل 14 من أفراد العصابة، وكان على رأس الذين لقوا مصرعهم بان سينغ تومار، زعيم عصابة الخارجين على القانون وقطاع الطرق والمُجرمين الذين ارتكبوا بتوجيهات من زعيمهم 50 جريمة منها 11 جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد.

المثير أن السينما العالمية أنتجت مجموعة من افلام المغامرات، والجريمة عن قصص مستوحاة من جرائم بان سينغ تومار الذي أطلق عليه لقب روبن هود العصر الحديث.