عاد إسماعيل هنية الى الدوحة، بعد أن مارس حرداً سياسياً على الأراضي التركية، بعد الضغوط القطرية التي مورست على حماس من أجل الذهاب إلى هدنة دون اشتراطات من قادتها، حرد من لا يملك القرار أمام من يسعى إليه.

اسماعيل هنية ومن خلال اتصالات مع الجانب التركي، شرح تفاصيل المشهد الداخلي المتأزم للحركة، فنُصح أن يأتي إلى تركيا التي ستدخل على خط المفاوضات بثقلها لتحسين من وضع وموقف حماس، والتي في المقابل ستطالب الحركة بضمانات من عدة دول على رأسها الولايات المتحدة والجمهورية التركية لإنهاء اسرائيل الحرب، وبذلك تكن الخطوة الكبرى نحو دخول تركيا على خط الوساطة في ملف حرب غزة.

حرد حماس في تركيا تزامن مع محاولة مصرية للوصول إلى هدنة فاعلة في القطاع، مع استبعاد قطري عن سير المفاوضات في البداية، التي التقطت إشارة أميركية بأن الضغوط التي مارستها قطر على قيادة حماس لم تجدِ نفعاً، كون قرار الهدنة بيد حماس غزة وتحديدا يحيى النسوار، الذي استبعد جُل قيادات الحركة، وحصر القرار بيده ويد من والاه، فكان التناغم الأمريكي المصري من أجل تحقيق هدنة بين إسرائيل وحماس غزة بدون دور قطري يذكر.

في المقابل حماس غزة وقائدها السنوار رفض مطالبات من إيران وجماعة الإخوان لاشتراك قيادات حماس الخارج في ملف مفاوضات الهدنة، واكتفى بدور تمثيلي في إيصال الردود حول الهدنة فقط حفاظاً على وحدة الحركة، حيث بدأ يشترط بإعادة تشكيل المكتب السياسي للحركة ليكون برئاسته أو الانشقاق على الحركة، مع تجيير الدعم المالي الإيراني له وحده، لترد إيران بالسماح لحماس لبنان بإطلاق صواريخ على شمال الكيان الإسرائيلي في اليومين الماضيين لايصال رسالة للسنوار أن إيران ما زالت تملك خياراتها بعيداً عن ابتزازه واشتراطاته.

ما سبق مرره الجانب الأميركي للقطريين، مع تحميلهم فشل سياسات الاحتواء التي انتهجوها في سبيل خفض التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما دفع قطر بتسريب اعلامي عن تقييم لدورها في ملف الوساطة وربطه بتواجد حماس على أراضيه لمصالح تتعلق فقط بإنهاء الحرب، العكس تماماً مصر التي تملك التأثير في حماس غزة بحكم الجغرافيا والتي تتيح لها نوعاً من القنوات التواصل التي لا تتوفر لأي دول في المنطقة مهما حاولت هذه الدول من زرع نفوذ لها داخل حماس.

عبثية مشهد الوسطاء جعل صراعاً خفياً يجري من أجل الظفر على تعزيز المكانة الإقليمية لدول ترى بالحرب الدائرة وسيلة لتحقيق أهدافها بالتقرب في المقام الأول من الولايات المتحدة التي أثبتت الحرب بأنها صاحبة اليد العليا في الشرق الأوسط.

انسحاب قطر من ملف المفاوضات وإحلال دور لتركيا ليكن رديفاً للدور المصري ينذر بحجم التنازلات التي تتطلب تبريراً ومسوغاً من رأس الإخوان في الإقليم لإنقاذ حماس كحركة جامعة لتيارات تتنافس فيما بينها على مقومات باتت مفقودة بسبب تداعيات الحرب، مما سيسهم بصدام بين دول الوسطاء في مرحلة ما من مراحل تثبيت الهدنة التي ستسري من طرف في حماس تحديدا في غزة دون حماس الخارج التي أصبحت تتمنى الانتهاء من حقبة السنوار وتياره.