ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة أخرى ضمن مجازره البَشِعة في غزة، والتي تتسلسل دون توقُّف منذ تَوغُّله في القطاع بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. إنّها مجزرة النصيرات، المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال يوم السبت في الثامن من حزيران (يونيو) 2024 بحق لاجِئي ونازحي المخيم، والتي ذهب ضحيتها ما يفوق 274 شهيدًا وأكثر من 700 مصاب، كلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ المَدنيِّين الأبرياء العُزَّل، ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) إلى أكثر من 37 ألف شهيد و84 ألف جريح. إنّها مذبحة شنيعة في حقّ الشعب الفلسطينيّ.

لقد أظهرت مقاطع فيديو استشهاد العشرات من الأطفال والنساء وقد مزّق الرصاص أجسادهم إلى أشلاء مُتناثِرة، بعد أن شن جيش الاحتلال هجوماً وحشياً غير مسبوق على مناطق عدة من ربوع المحافظة الوسطى من غزة، بِذريعة استعادة أسراه من حماس.

وقد أشارت حركة حماس، بعد هذه المَجزرة الرّهيبة، إلى أنّ إنقاذ الرهائن الأربعة أحياء لن يغير "الفشل الاستراتيجي لإسرائيل في قطاع غزة"، بحيث لا تزال الحركة تحتجز عددًا كبيرًا من الرهائن الآخرين بعد ثمانية أشهر من القتال.

إقرأ أيضاً: إسرائيل تُواجِه جَبْهَتَيْ حربٍ في غزة

لقد اكتفت العديد من الدول العربية والإسلامية كعادتها، بالتنديد وإدانة إسرائيل على هذه المذبحة التي يندى لها الجبين، وطالبت "المجتمع الدولي" وخاصة "الأمم المتحدة" بضرورة التحرك الفوري والعاجل لوقف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزة، ولم تتحرّك هذه الدول جدّيّاً من أجل إيقاف النزيف اليومي للشعب الفلسطينيّ في غزة، باستخدام ما لديْها من أوراق ضغط على أمريكا وإسرائيل والغرب، التي تقِف إلى جانب الكيان بالمال والعتاد الحربيّ والوسائل الاستخباراتية واللوجيستيّة.

إنّ الهدف من وراء قيام الكيان الصهيوني بإبادته الجماعيّة في كلّ أنحاء قطاع غزة ليس من أجل تخليص الأسرى كما يَدَّعي، وإنّما هدفهُ الرئيسي هو القضاء على الشعب الفلسطينيّ وإجبار من بقيَ منه حيّاً على الهجرة من أرضه، من أجل وضع حدّ للقضية الفلسطينيّة وطرق آخر مسمار في نعشها، والحيلولة دون قيام أيّ دولة فلسطينيّة مُستقِلّة مُستقبَلاً، وسعياً لترسيخ "الدولة الصهيونيّة" وتثبيت أركانها وضمان أمنها واستقرارها.

إقرأ أيضاً: دَعمُ المَغرب لأهالي القُدس نموذجٌ يجب الاقتداءُ به

إنّ كلّ أحلام الكيان الصهيوني غير قابلةٍ للتّحقيق على أرضِ الواقع، نَظَراً لِبسالَة المُقاوَمة الفلسطينيّة وقوّتها في مُواجهة القوات الصهيونيّة على أرض القتال وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وفي جميع أنحاء القطاع، علاوَةً على صُمود الشعب الفلسطيني على أرضِه وتشبُّته بِمقاوَمته واحتضانه لها، مُعتبِراً أنّ المُقاومة المُسلَّحة ضدّ المُحتلّ الغاصب هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وقيام الدولة الفلسطينيّة المُستقِلّة، ودون ذلك فهو ضربٌ من المُحال.