منذ تأسيس نظام الملالي في إيران إثر الاستيلاء على ثورة الشعب عام 1979، اتخذت علاقة الغرب بطهران أشكالاً استعراضية متعددة؛ ففي بعض الأحيان، كانت هناك استعراض لمواجهات مباشرة، وفي أحيان أخرى كانت هناك محاولات للتعاون في العلن، لكن حالة من الريبة والتربص وعدم الثقة المتبادلة بقيت قائمة بين الطرفين في كل الأحوال.

يبدو أنَّ الغرب الذي أتى بالملالي إلى إيران والمنطقة يراهن عليهم اليوم مع تصاعد التوترات في المنطقة، وينظر لطهران كلاعب أساسي في معادلة أمنه القومي؛ إنهم يرون أن النظام الإيراني لا يزال، بالرغم من ضعفه الداخلي، قادراً على بث الفوضى وزعزعة استقرار المنطقة من خلال تدخلاته ووكلائه وممارساته الشيطانية، إذ يرى الغرب أنَّ طهران هي مفتاح فهم الديناميكيات السياسية في الشرق الأوسط، وأن إيران بحكم موقعها الاستراتيجي وتأثيرها على جيرانها قادرة على التأثير بشكل كبير على الأحداث الإقليمية، وبالتالي فإن تعامل الغرب مع طهران هو السبيل الوحيد لضمان مخططاتهم في المنطقة، ومن هذا المنطلق، يحرص الغرب على بقاء نظام الملالي واستمرار نفوذه الكبير في أوساط الجماعات الشيعية الموالية له في جميع أنحاء المنطقة، بقصد التأثير على الديناميكيات السياسية والأمنية في هذه البلدان.

الملالي يعبثون داخل أوروبا والغرب يراهن عليهم في احتضان مشروع الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط
منذ قيام ما يسمى بالجمهورية الإسلامية في إيران بعد ثورة عام 1979 الوطنية، لعب الملالي دوراً شيطانياً فيما يتعلق بتشكيل المشهد السياسي في أوروبا، ولقد استغلوا الانقسامات داخل الدول الأوروبيَّة، وعززوا أجندتهم الخاصة، وزرعوا خلاياهم الخبيثة وبذور الإرهاب والفساد في جميع أنحاء أوروبا.

اليوم مع صعود الشعبوية اليمينية في جميع أنحاء أوروبا، يبدو أنَّ الغرب لا يزال يراهن على طهران لاحتضان مشروعه الفوضوي في الشرق الأوسط، ويرى أن طهران بمجرد إعلان أنها قوة مناهضة للإمبريالية الغربية، يمكن أن تكون حليفاً قوياً في خلق التوازنات الخادمة لمصالح النظام العالمي الليبرالي، ومن منطلق أنَّ الغرب قد فشل في الشرق الأوسط، يرى الملالي أن بإمكانهم كقوة مستقلة أن يكونوا شركاء للغرب يعول عليهم مع بقاء السيناريو الاستعراضي، والتسليم بوجود سلطة إيران الملالي كقوة صاعدة وكرقم عالمي جديد قد يساهم وجوده في ترميم الهيمنة الغربية المتهالكة بالمنطقة.

هل ستبقى لنظام الملالي باقية بعد تدهوره.. ولماذا يصر الغرب على الرهان على حصان معوق ومسعور؟
كلاهما متهالك؛ هذا هو حال الملالي وقوى المهادنة الغربية، ولا ثوابت لكليهما، ومن أجل استمرار هيمنتهم وتنفيذ مخططاتهم، لا يزال الغرب يراهن على حصان نظام الملالي المعوق المسعور، بالرغم من إدراك الغرب بانكفاء أوضاع نظام الملالي وتدهوره، وترى دوله أن طهران، بالرغم من ضعفها الداخلي، لا تزال لاعباً أساسياً في لعبة إدارة الصراع في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أهمية إيران مطيعة ومناورة كلاعب مهم في سوق الطاقة العالمية، وبصفتها منتجاً رئيسياً للنفط والغاز الطبيعي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على أسعار الطاقة، وبالتالي على الاقتصاد العالمي، وهذا هو ما يعني القوى الرأسمالية الغربية غير مكترثة بمن يموت ومن يحيا في العالم كله، حتى لو مات نصف سكان الشرق الأوسط وصعد نظام الملالي من حملات القتل الحكومي التي ينفذها يومياً، وتبقى حقوق الإنسان وما شابهها من أفكار مجرد أدبيات منمقة يمكن الحديث عنها والتحدث بها في المحافل الدولية وبعض المناسبات التي تستوجب ذلك.

ختاماً، هكذا يرى وهكذا يفعل الغرب بالشراكة مع نظام الملالي ضد العرب وضد المنطقة برمتها! فماذا نرى وماذا سنفعل نحن أبناء الشرق الأوسط؛ هل سنقف مكتوفي الأيدي نسجل خسائرنا واحدة تلو الأخرى، أم سنتحول إلى صانعي سياسات ونقلب الطاولة على رؤوس المتآمرين ونعيد الأمور إلى نصابها بالمنطقة من خلال الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ودعم المقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة التي باتت تربك نظام الملالي من الداخل وتكشف سوءاته؟! لا خيار لنا اليوم سوى الوقوف إلى جانب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بكافة الأشكال لقبر هذا النظام وكافة مخططات التآمر إلى غير رجعة، وذلك بالأمر اليسير إن توفرت الإرادة.