يبدو أنَّ التطرف يزحف رويدًا رويدًا على العالم. كما أن تغول الرأسمالية وابتعادها عن مفهوم كينونة الإنسان في العيش السليم، وتفكيرها المحصور في الربح بأي ثمن كان، دون مراعاة الفوارق في قدرات الناس ومدى تحمل فئات معينة لسياسات محددة، قد يدفع بالجميع في نهاية المطاف إلى المجهول. أخشى أن يزحف لهيب اليأس على الجميع، فيصبح الإنسان مهددًا في كل شيء.
وما توجه الطمع العابر لكل القيم الإنسانية نحو الاستثمار في جوهر استمرارية الحياة الطبيعية للإنسان، من طعام وشراب وصحة، إلا دليل على شدة الانحراف الذي بدأ يدفع الغالبية من البشر نحو خندق اسمه المزيد من الصدمات والأمراض النفسية، الناتجة عن سلسلة من الانحرافات السلوكية والعقلية في آن واحد.
إن المظاهر الزاحفة على البشرية، من انتحار وتزايد الإقبال على المخدرات بكل أصنافها وتلاوينها، علاوة على نمو مظاهر التحرش والسادية والرغبة الجامحة في الهيمنة، كلها أدلة قاطعة على أن سياسات المال تتجه حتمًا صوب زراعة الأحقاد بين الفئات الاجتماعية والعرقيات والدول.
ولعل الاستمرار على نهج تمتع البعض وتجاهل معاناة الآخرين، وذلك في إطار العجرفة المؤقتة المرتبطة بغرور اسمه "نحن الأفضل"، بل وقمع كل المخالفين لهذا النهج بطرق ناعمة وغير ناعمة، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى دخول التطرف من بابه الواسع. تطرف قد تتاح له الفرصة ليخضع الجميع بمسميات مختلفة، مسميات تحت شعار المساواة المطلقة، ومن ثم ينحدر الجميع إلى عالم القهر والاستعباد بقوة القانون أو انعدامه!
التعليقات