ما أشبه اليوم بالأمس؛ وقف الإمام الحسين بوجه طغاة عصره وقفة عزّ وصمود قلّ نظيره في التاريخ الإنساني. لم يتزحزح، ولم يتراجع، ولم يهتز. واجه الطغاة بشموخ وصدح بصرخته المدوية إلى يومنا هذا: "هيهات منا الذلة". واجه أعداءه ولم يرمش له طرف، ولم يلتفت إلى عياله أو الخوف عليهم، بل جعل أولاده أمامه ليراهم شهداء من أجل عزة الإسلام. وها هو الإمام يبقى نبراساً لكل أحرار العالم، مثالاً وقدوة يحتذى به، مكتسباً الشموخ في الدنيا ودار الآخرة معاً.
وسيد المقاومة، الشهيد السعيد، سار على خطى جده الإمام الحسين، مقاتلاً أعداءه، وهو العارف بقدراتهم ومن هم؟ إنه الاستكبار العالمي بأكمله. عرضت عليه الدنيا فأدار لها ظهره، متمسكاً بمبادئه، ولم يتزحزح قيد أنملة. جاءته تطمينات من أعدائه لترك الفلسطينيين، وكان رده: "تعطوننا الأمان والشعب الفلسطيني لا أمان له؟". استمر مقاتلاً، يذيق عدوه ذل الهزيمة، ساند إخوته الفلسطينيين بكل ما أوتي من قوة، وتحمل ما لا تتحمله الجبال، ولم يساوم أو يغير مبادئه حتى استشهاده. والجود بالنفس أقصى غايات الجود. كان أمة برجل، وحتى السلاح الذي استخدمه العدو في غارة الغدر يكفي لقتل أمة.
هل انتهت المقاومة باستشهاد سيدها؟ لا أحد ينكر أن العدو بذل جهوداً كبيرة منذ هزيمته عام 2006 للقضاء على سيد المقاومة، ظناً أن نهاية المقاومة ستأتي بنهاية سيدها.
لكن، وكما تثبت المعطيات، حزب الله حزب مؤسساتي لا ينهار بتغييب قائده. وقد أثبت هذا تصريح نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الذي أكد أن هناك قائداً جديداً سيكمل مسيرة الشهيد السعيد وفق مبادئ سيد المقاومة، وأن جبهة لبنان ستظل سنداً للفلسطينيين وللدفاع عن لبنان. وقد صرح أن ما قام به الحزب هو الحد الأدنى، والقادم أعظم، حيث سيرى العدو رداً مزلزلاً يجبره على إعادة حساباته. أما تبجح إسرائيل وانتصارها الزائف، فهو مجرد زوبعة في فنجان، والنصر قادم لا محالة.
إقرأ أيضاً: وتستمر المقاومة
نعم، المقاومة اللبنانية تمتلك من القدرات ما يكفي لزلزلة الأرض تحت أقدام الصهاينة، والتوقيت المناسب يحدده الوضع الأمني وقد يقرره الأمين العام الجديد. أما بهرجة الدبابات على الحدود، فإنَّ الكيان يدرك أن الهجوم البري صعب جداً إن لم يكن مستحيلاً، وإن الخسائر التي تكبدها الصهاينة في غزة خلال الاجتياح البري لا تقارن بالخسائر المحتملة إذا حدث اجتياح بري في لبنان.
إقرأ أيضاً: رسائل إيرانية إلى إسرائيل
هذا ليس مجرد حديث عاطفي أو من فراغ، بل من تجارب معارك سابقة بين العدو الصهيوني والمقاومة اللبنانية. وأؤكد أن المقاومة اليوم، وفقاً للتقارير العالمية وتأكيدات الشهيد السعيد، أقوى بكثير مما كانت عليه في عامي 2000 و2006، من حيث العدة والعدد.
سيدي سيد المقاومة وعزتها، نم قرير العين؛ لن يهنأ العدو بالأمان، ولن يذوق طعم الراحة، فالأمة ولّادة بالرجال الشجعان، وهي أمة لا يليق بها الذل والخنوع.
التعليقات