مع تسجيل الحرب على غزة عامها الأول، ما زالت تداعياتها تلقي بظلالها على الاقتصاد الفلسطيني، الذي عانى كثيراً منذ لحظة إطلاق النار على غزة حتى هذه اللحظة، لتظل الأزمة الاقتصادية الفلسطينية تنذر بكارثة.
وقد أعلنت هيئة الأعمال الفلسطينية عن استمرار انخفاض إيرادات التجارة في المتاجر والأسواق، في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات القصف الإسرائيلي على غزة، وسط استمرار إغلاق المعابر من قبل سلطات الاحتلال، مما يمنع دخول المساعدات والبضائع إلى الداخل، وهذا يشير بالتأكيد إلى حالة كساد وخراب للاقتصاد دون وجود أي فرص لانتعاش في الأفق إلا بحلول السلام.
ومن الواضح أن آثار هذا الوضع قد ألقت بظلال قاتمة على الشركات المحلية والاقتصاد ككل، حيث خسر الاقتصاد الفلسطيني 25.8 بالمئة في عام 2024، بما يعادل 6.9 مليارات دولار مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي التراكمي المتوقع قبل الصراع لعامي 2023 و2024. كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 29 بالمئة في العام 2024، مع خسائر إجمالية تبلغ 7.6 مليارات دولار، وذلك في ظل ركود جميع القطاعات الاقتصادية، وأبرزها قطاع البناء الذي أصبح الأكثر تضرراً بانخفاض نسبته 75.2 بالمئة.
وقد أعلنت السلطة الفلسطينية عن ارتفاع عجز الموازنة خلال هذا العام بنسبة 172 بالمئة عن العام الماضي، وتراجع الإيرادات بنسبة 21 بالمئة، بالإضافة إلى تدمير 83 بالمئة من الشركات وفقدان حوالى 3 آلاف وظيفة. كما تضررت قطاعات أخرى مثل الزراعة، وتقلصت نفقات الرواتب والأجور، وتم إلغاء تصاريح عمل الفلسطينيين في إسرائيل، مما تسبب في انكماش اقتصادي حاد، خاصة في ظل استمرار سياسات الإغلاق التي تمارسها سلطات الاحتلال على المعابر، وكذلك حجب المساعدات عن دخول قطاع غزة، وما ترتب على ذلك من ركود في الضفة الغربية.
إقرأ أيضاً: المساعدات الإنسانية.. التحديات والفرص في غزة
ربما يشير استمرار حالة التجويع التي يصر الاحتلال على أن تكون أسلوب حياة في غزة، بل وفي جميع الأراضي الفلسطينية، إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والقيود المالية، مما يفاقم الانهيار الاقتصادي والدمار. هذه الضغوط الاقتصادية تستدعي تدخلاً فورياً من المجتمع الدولي لإنقاذ الاقتصاد الفلسطيني المتدهور ومعالجة الأزمة الإنسانية، وإقناع إسرائيل بوقف الحرب والتوصل إلى حلول سلام شامل تمكّن الفلسطينيين من استعادة حياتهم.
بالحديث عن معدلات الفقر، التي ارتفعت لتقترب من 70 بالمئة في ظل استمرار الحرب، يعيش حوالي مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني في فقر مدقع مع أوضاع صحية متدهورة وبطالة مزمنة. وتشير الأمم المتحدة إلى أن تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة قد تصل إلى 40 مليار دولار، مما يستدعي ضرورة وقف الحرب والتفكير جدياً في حل الدولتين وتحقيق سلام دائم في المنطقة.
إقرأ أيضاً: ماذا لو نُشرت قوات حفظ السلام في غزة؟
إن استمرار الحرب المطولة من قبل الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ومواصلة القيود المفروضة على الاقتصاد، يقوض الإمكانات الاقتصادية ويفاقم معدلات الفقر وعدم الاستقرار، مما يغلق الباب أمام أي فرصة للانتعاش الاقتصادي. إلا أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال ينزف، ويواجه صدمة اقتصادية كبيرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الشركات المحلية والاقتصاد ككل، ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية تحقق السلام.
التعليقات