خلال الحملة الانتخابية التي تخوضها القوى السياسية في إقليم كوردستان، تعرض الحزب الديمقراطي الكوردستاني (البارتي) لموجة من الهجمات الإعلامية الثقيلة التي لا تستند إلى مبادئ السياسة، وتخرق الأعراف والممارسات السائدة خلال العمليات الديمقراطية، وتفتقر بوضوح إلى المهارات الخاصة بالخطابة السياسية، مما يعكس هشاشة البنية السياسية لمطلقيها، رغم محاولاتهم المستمرة للإيحاء بأن هناك أحداثاً جديدة ستحدث لصالحهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه: من هم المهاجمون؟

الجواب: إنهم أشخاص وجهات وأطراف لا تمتلك برامج حقيقية أو أي إنجازات فعلية، لكنهم عازمون (بدافع من الحقد أو خبث دفين أو لإرضاء جهات خارجية) على مواصلة أنشطتهم لإضعاف البارتي وتقليص نفوذه في الإقليم والعراق والمنطقة. أو هم من البسطاء المنبهرين بأفكار وطروحات الأعداء التقليديين للكورد، العاجزين عن التعبير عن آرائهم ومقاصدهم. والغريب في الأمر أن بعض هذه الهجمات تشن من أشخاص كانوا يقفون لساعات وأيام وأسابيع أمام أبواب البارتي، ينتظرون الإذن بالدخول. أما الأغرب فهو أن بعض هؤلاء، وبالذات الذين لا يجيدون قراءة الحاضر وما سبقه من الماضي القريب والبعيد، قد وقعوا بسهولة في الفخ الذي نُصب لهم مسبقاً. لا يعلم هؤلاء أنهم لا يملكون أي صلاحيات في السياسة، وأن غالبية الأطراف لا تأخذ كلماتهم الفارغة وغير القيّمة على محمل الجد. فهم لا يستطيعون البقاء في مناصبهم أو خداع مؤيديهم إلى النهاية.

إنَّ طريق العودة أمام هؤلاء مغلق، وطريق الهروب كذلك بسبب أخطائهم المتكررة. وتحت غطاء "العداء للبارتي"، يبحث هؤلاء عن البدائل ويشاركون في كل المؤامرات الخبيثة التي تستهدف الضغط على الإقليم وتجربته الديمقراطية، ولو على حساب الخضوع للذل وتقبل الإهانات من ذوي السجلات السيئة. الأغرب من ذلك هو أن بعضهم يعتقد أنه بافتعال الأزمات وتوجيه الاتهامات والتهديدات يستطيع أن يشعل الأجواء ضد البارتي وحكومة الإقليم ويخل بالتوازنات القائمة في الإقليم، ويلحق الضرر بالبارتي وأنشطته المختلفة، ويفقده القدرة على حماية حيويته، أو في الأقل يرغمه على ترتيب أولوياته بطريقة مغايرة. لا يعلم هؤلاء أن أوراق البارتي مرتبة وفق ثوابت وأهداف وطنية وقومية لا يمكن تغييرها، وأوراقه الكثيرة تبدد أحلام الخونة كما فعلت خلال العقود الستة الماضية.

إقرأ أيضاً: مداهمة مبنى في السليمانية نقطة تحول دراماتيكية

وبعيداً عن العاطفة والانحيازات الحزبية، لو أردنا الحق، فلا بد أن نذكر أنَّ البارتي قد تجاوز العديد من المؤامرات والمعوقات، وخلال مسيرته النضالية التي تقترب بثقة من مستوى الطموح والأمنيات، وضع أقدامه على الطريق الصحيح الذي يوصله إلى الهدف الذي يتمناه كل من تأصل في قلبه حب الكورد وكوردستان. الواقع المزدهر للبارتي، المستمر وفق المعايير والأسس الديمقراطية، يؤكد أن مسيرته نحو الأعالي ليست بحاجة إلى إشارة أو تذكير من أحد، بقدر ما هي بحاجة إلى حرص ودعوة وإصرار على بذل المزيد من الجهود والتكاتف والتعاضد في المواقف الوطنية والقومية.

إقرأ أيضاً: اللغة الهابطة والإعلام الكوردستاني

ختاماً نقول: الأحداث خلال جميع الحملات الانتخابية السابقة، ونتائج ومستجدات ما بعدها، أثبتت أن مهاجمي البارتي ينطحون الصخور، ويلحقون أضراراً وخسائر فادحة بأنفسهم قبل إلحاق الأذى بالبارتي.