بقدر ما عانى الشعب الإيراني من دكتاتورية نظام الشاه وحكمه الاستبدادي، فإنه عانى من النظام الذي أسسه خميني أكثر من ذلك، لا سيَّما أن الأخير عمل على الاستفادة من تجربة سلفه وقام بسد الأبواب والثغرات التي يمكن أن تساهم بإسقاطه. وهذا الأمر في حقيقته يعني أن النظم الدكتاتورية، ومهما سعت للإيحاء بأنها ليست كذلك وإنها تؤمن بالحريات، لكنها في نهاية المطاف سعت وتسعى من أجل الاستفادة من تجارب الأنظمة الدكتاتورية الأخرى بمختلف الطرق كما فعل ويفعل النظام الحالي في إيران.

التجربة المريرة التي عاشها الشعب الإيراني مع نظام الشاه قادت في النتيجة، وبعد صراع محتدم بين الشعب وقواه الوطنية، وخاصة منظمة مجاهدي خلق التي تأسست في عام 1965، وأثبتت بأنها أكبر وأقوى خصم للنظام، إلى إسقاطه. هذه التجربة تكررت مع النظام الذي خلفه ولا زالت فصولها مستمرة حتى الآن مع ملاحظة أنَّ الدور الذي قامت به منظمة مجاهدي خلق ضد دكتاتورية الشاه مستمر بقوة وزخم أكبر ضد النظام الديني الاستبدادي الذي يحكم بالحديد والنار.

الشعب الإيراني الذي يبدو واضحاً أنه قد مل وسئم تماماً من الدكتاتورية، صار يتطير منها، وشعاره الذي أطلقه في انتفاضاته ضد النظام الحالي بإعلان رفضه للدكتاتورية سواء كانت للشاه أو للزعيم (في إشارة لرجال الدين الحاكمين في إيران)، وهو بذلك يختصر الطريق ويحسم موقفه ليس من نظام ولاية الفقيه وإنما من المحاولات المشبوهة لإعادة نظام الشاه البائد إلى الحكم في إيران.

إقرأ أيضاً: حملة "لا للإعدامات الثلاثاء" تستحق إسنادًا دوليًا

المطالبة بالجمهورية الديمقراطية، والتي صارت مطلباً أساسياً للشعب الإيراني، والنموذج الذي اختاره الشعب لمستقبله ومستقبل أجياله، هو في حد ذاته موقف صريح جداً من قبل الشعب الإيراني يعلن من خلاله عن رفضه القاطع للدكتاتورية تحت أي غطاء كان. بل وحتى إنه يعني كونه يعلم من المساعي المشبوهة التي صارت تجري بعد أن دفع الشعب وقوته الوطنية الأساسية، منظمة مجاهدي خلق، ثمناً باهظاً في إضعاف النظام وجعله على مشارف السقوط، من أجل مصادرة إرادة الشعب مرة أخرى وتكرار ما حدث في الثورة الإيرانية بفرض التيار الديني المتشدد. حيث أنَّ الشعب الإيراني قد أخذ درساً وعبرة نوعية من تجربته السابقة ولن يسمح بتكرارها إطلاقاً.

إقرأ أيضاً: النظام الإيراني يحاول ألا يحترق بالنار التي أشعلها

البديل الديمقراطي الذي اختاره الشعب واختبره منذ عام 1965، ويعرفه حق المعرفة، لا يمكن له إطلاقاً أن يستبدله ببديل مختلق يسعى من أجل إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة إيران مرة أخرى إلى أحضان الدكتاتورية تحت مسميات وعناوين براقة وطنانة في ظاهرها وجوفاء وخرقاء وكاذبة في داخلها!