لعبت فكرة quot;العمل الإضافيquot; دورًا كبيرًا في تشكيل شخصية العالم العبقري إسحق نيوتن، فلم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد معاناة. أما شخصياً فلم يدخل المكتشف في أية علاقات رومانسية متبادلة، ولم يلمس جسد امرأة، محافظاً على عذريته.

أشرف أبوجلالة من القاهرة: استحق العالم الفذ إسحق نيوتن أن يُلقب بـ quot;العبقري المُحلِّق في تاريخ العلمquot;، فهو لم يكن على دراية بعبقريته فحسب، بل لم يكن يحب أن يذهب وقته سدى. نادرًا ما كان يرتبط العالم الأسطوري، الذي ولد في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1642، بنشاطات اجتماعية أو يسافر بعيداً عن وطنه. ولم يكن يمارس أي نوع من أنواع الألعاب الرياضية، أو يعزف على أي من الآلات الموسيقية، ولم يسبق له أن قامر أو وثب على ظهر حصان.

وفي تقرير مثير نشرته اليوم الأربعاء ضمن هذا السياق، تلقي صحيفة النيويورك تايمز الأميركية الضوء على كثير من الجوانب الخفية في حياة هذا الفيزيائي وعالم الرياضيات الإنكليزي الكبير، وتبرز أيضاً مدى الصعوبات التي واجهها لتحقيق ما وصل إليه من نجاحات.

وتلفت الصحيفة أيضاً إلى أن نيوتن آثر حياة العزوبية، ولم يدخل في أية علاقات رومانسية متبادلة، ولم يلمس جسد امرأة، محافظاً على عذريته، حتى وافته المنية عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً. وبما يتواكب مع تلك الحالة المتفردة من نوعها في ما يتعلق بتسيير شؤون حياتها الخاصة بما يخدم عملها المقصور على الأبحاث، تورد الصحيفة ما سبق أن صرّح به مساعده، هامفري نيوتن، عن العالم الكبير، حيث قال quot;لم يسبق لي مطلقاً أن عرفته مولعاً بالاستجمام أو البحث عن تسلية. وقد كان يعتقد أن كل الساعات التي يتم فقدانها هي تلك التي لا ينتفع بها في دراساتهquot;.

ثم تشير الصحيفة إلى فكرة quot;العمل الإضافيquot; والدور الكبير الذي لعبه في تشكيل شخصية العالم العبقري، مشددةً على أنه لم يصل إلى ما وصل إليه من فراغ، وأنه لم يصل إلى تلك المكانة إلا بعد معاناة. وتمضي الصحيفة تقول إنه لم يتوصل فحسب إلى القوانين العالمية الخاصة بالحركة والجاذبية، وبالتالي صياغة المعادلات التي لا تزال تستخدم إلى اليوم لرسم مسارات مركبات الفضاء المتجهة إلى المريخ، وأنه لم يكتف باكتشاف الخواص الطيفية للضوء واختراع حساب التفاضل والتكامل، بل كانت له مهنة أخرى يتفرغ لها، موازية للشغف الفكري الذي أخفاه إلى حد كبير، لكنه نافس وتجاوز أحياناً من حيث الشدة تفانيه في علم الميكانيكا السماوية.

وتابعت الصحيفة بتأكيدها على أن نيوتن كان خيميائياً مهماً، حيث كان يقضي ليله حتى الفجر طيلة ثلاثة عقود من حياته، وهو يكدح في إجراء تجاربه على فرن جهنمي بحثاً عن الطاقة اللازمة لتحويل عنصر كيميائي إلى عنصر آخر. ورغم ما كان معروفاً من قبل عن اهتمام نيوتن الواسع بالخيمياء (الكيمياء القديمة)، إلا أن مدى وتفاصيل مشروع العمل الإضافي الذي انخرط فيه نيوتن لم تتضح إلا الآن، بعدما بدأ يقوم المؤرخون المعنيون بالشؤون العلمية تدريجياً بتحليل ونشر كتابات نيوتن الواسعة عن الخيمياء.

وفي كلمة ألقاها الأسبوع الماضي في معهد المحيط للفيزياء النظرية في واترلو في أونتاريو، قدَّم وليام نيومان، أستاذ تاريخ وفلسفة العلوم في جامعة أنديانا في بلومينغتون، وصفاً للدراسات التي أجراها على تجارب نيوتن الخيميائية، وعرض نظرة ثاقبة عن السر الرئيس الذي يقف وراء اكتشافات نيوتن وغالباً ما يُحيِّر أنصاره المعاصرين.

وأشار دكتور نيومان كذلك إلى أن السير إسحق الخيميائي لم يكن كعالم شرس وعنيد أقل من السير إسحق، مؤلف مبادئ الرياضيات القضائية. وأضاف في هذا السياق قائلاً quot;كان من المعقول تماماً لإسحق نيوتن أن يعتقد في الخيمياء. فمعظم العلماء التجريبيين في القرن السابع عشر سبق لهم أن فعلوا ذلكquot;.

تأكيداً على عظمة المكانة العلمية التي يتبوأها نيوتن، قال دكتور نيومان إنه ربما ثبت لنيوتن أن علم الخيمياء أكبر من علم الكيمياء، وأشار إلى أن التحقيقات الخيميائية التي أجراها السير اسحق أسفرت عن واحدة من الإنجازات المهمة في علم الفيزياء وهي المتعلقة باكتشاف نيوتن أن الضوء الأبيض هو مزيج من أشعة ملونة، وأن الشعاع الشمسي الذي يُكسر بشكل منشوري إلى جناح قوس قزح المألوف الذي يُطلق عليه quot;Roy G. Bivquot; يمكن أن يُحل بعدسة إلى أشعة شمس بيضاء مرتبة مرة أخرى. وأكد أن الخيمياء كانت حاسمة أيضاً بالنسبة إلى الإنجازات التي حققها نيوتن في علم البصريات.