أدى إعادة توجيه بعض المواقع من خلال خوادم في الصين للتحذير من إمكانية سيطرة بعض الجهات على الإنترنت وإعادة توجيهه.


أشار تقرير صدر من إحدى لجان الكونغرس إلى أن ما يقرب من 15% من حركة الإنترنت في العالم بما في ذلك المواقع الحكومية والعسكرية الأميركية تم إعادة توجيهها لفترة وجيزة من خلال خوادم الكمبيوتر في الصين في شهر نيسان/ أبريل الماضي، وليس من الواضح إن كان الحادث متعمداً أم لا، ولكن المؤكد أن حدوث شيء مثل هذا قد يتسبب في تسريب البيانات واعتراض حركات المرور المشفرة وهذا ما استعرضته لجنة التعاون الإقتصادي والأمني بين الصين والولايات المتحدة في تقريرها الذي قدمته للكونغرس مؤخراً.

ويوضح التقرير الذي حصلت عليه الواشنطن تايمز والمنتظر صدروه يوم الأربعاء أن المواقع التي تنتهي بـ gov و mil تم إعادة توجيهها لمدة 18 دقيقة يوم 8 إبريل الماضي، ومن المواقع التي أصيبت بهذا مجلس الشيوخ ومراكز الخدمات العسكرية ومكتب وزير الدفاع ووكالة ناسا ووزارة التجارة والهيئة القومية للمحيطات والغلاف الجوي وغيرها الكثير هذا بالإضافة للمواقع التجارية مثل ياهو ومايكروسوفت وآي بي إم.

يضيف التقرير أنه بالرغم من أن هذا التحويل لم يستمر إلا لفترة قصيرة إلا أنها كانت كافية للسماح بمراقبة مواقع وأشخاص محددين كما أنها يمكن أن تسبب تحويل البيانات لشخص آخر لم يكن ينوي المستخدم توجيه تلك البيانات له، وجاء في التقرير أنه من المحتمل أن تكون عملية التوجيه الضخمة التي تمت ما هي إلا ستار لتغطية هجوم استهدف مستخدم واحد أو موقع ما.

وحذر التقرير من أن إمكانية السيطرة على تحويل البيانات قد تسمح لأي شركة من شركات الإتصال السلكية واللاسلكية أن تهدد سلامة الإجتماعات المشفرة، وبالرغم من أن التقرير لم يؤكد أن ما حدث كان متعمداً إلا أنه يدق جرس إنذار من إمكانية قيام بعض الجهات الخبيثة بالسيطرة على الإنترنت وإعادة توجيه حركة المرور به، ويرى التقرير إن مهندسي الحواسيب في الصين لديهم القدرة على القيام بهذا الأمر ومن الممكن أن يكونوا هم من قاموا بعملية تحويل حركة الإنترنت هذه.

تشير اللجنة في تقريرها إلى أن الحكومة في بكين تمارس سيطرة كبيرة على شبكة الإنترنت داخل الصين وتسمح بمناقشة مواضيع محددة على الشبكة وذلك في محاولة منها لنزع فتيل المطالب الشعبية للإصلاح فيما يطلق عليه اسم ظاهرة السيطرة على الإنترنت وهو ما جعل جوجل توجه نداءاً للحكومات الغربية لتقوم بالضغط على الصين لتوقف الرقابة على الإنترنت لما يسببه ذلك من أثر سلبي على التجارة العالمية.

يؤكد التقرير أن لدى الصين تاريخ طويل من أنشطة الكمبيوتر الخبيثة والتي تثير تساؤلات حول ما إذا كانت تسعى عمداً للإستفادة من هذه القدرات في تأكيد أنها تستطيع السيطرة على الإنترنت في مستوى ما ولو لفترة وجيزة، ويذكر التقرير أن أي محاولة من الصين للقيام بالسيطرة على الإنترنت أو تحويل البيانات ستكون على الأرجح مضادة لمصالح الولايات المتحدة والدول الأخرى، كما أن هذه المحاولات تبين وجود مناطق ضعف كامنة في الكيان الإنشائي للإنترنت.

ومن المعروف أن الإنترنت يسير خلال شبكة من حزم البيانات الصغيرة، كما أن مساراته يتم تحديدها من خلال تعليمات معروفة باسم البروتوكولات تقدمها خوادم خاصة في جميع أنحاء العالم، ويقول خبراء أمن الإنترنت إن مزود خدمة انترنت صغير في الصين قام بنشر مجموعة من التعليمات تسببت في توجيه حركة حوالي 37 ألف شبكة إلى خوادم كمبيوتر في الصين، ولقد أشار عضو اللجنة لاري ورزيل وهو عقيد متقاعد في الإستخبارات العسكرية ومتخصص في الصين إلى أن اللجنة توصي الكونغرس بأن تقدم الحكومة له تقريراً سنوياً عن هذه الأنواع من الحوادث.

وأضاف في حديثه للواشنطن تايمز إنه يجب أن يكون هناك حساب شامل لمعرفة كيفية حدوثها ومدى تأثيرها، ويجب على الحكومة أن تستخدم أدوات تحليلية دقيقة لرصد هذا النوع من التسريب وتحدد أي الخوادم يتم إستخدامها وإلى أين ينتهي مسارتلك التحويلات، وأوضح لاري ورزيل أن شركات الإتصالات في الصين ليست كياناً تجارياً مستقلاً، ولكن الحكومة الصينية تملكها وتسيطر عليها تماماً.

ويلاحظ التقرير أن الحكومة في الصين بكافة مستوياتها تستخدم الإنترنت بشكل متزايد للتفاعل مع أفراد الشعب كما أنها تتبع نظام رقابة صارمة تستخدمه لمنع الحديث عن قضايا معينة، وتقوم الحكومة باستخدام سياسات حازمة تهدف إلى تقويض كل ما يمكن أن يكون خطراً على السلام الداخلي للبلاد.

وتستخدم الحكومة الإنترنت في جمع الأراء من مستخدميه في الصين في الأوقات التي تسبق الإجتماعات الوطنية الكبرى التي تقوم بها الحكومة أو الحزب الشيوعي الحاكم، ومن الأمثلة الأخرى قيام صحيفة People's Daily وهي الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني بإنشاء موقع باسم (الخط المباشر إلى تشونغنانهاي) وهو ما يشير إلى المجمع الذي يضم الرئيس الصيني وغيره من كبار شخصيات الحزب، ومع ذلك فهناك مبادىء عامة تحظر أي تعليقات تسيء للبلاد أو تقوض سياسة ومصالح الدولة، ويلاحظ التقريرأن هذه التوجيهات تشير إلى الجهود التي تبذلها الحكومة للسيطرة على طبيعة المناقشات والحوارات على شبكة الإنترنت، ولقد أدى حرص الحكومة في بكين على تشديد الرقابة على الإنترنت في الصين إلى قيام شركة غوغل بإصدار بيان يوم الإثنين الماضي تعلن فيه عن تقليص أنشطتها هناك.