لا شك أن تأثير الاتصالات السعودية والسورية التي تكثفت في الأيام الثلاثة التي سبقت تشكيل الحكومة اللبنانية، أدت الى التسريع في ولادة الحكومة دون اللجوء الى عملية قيصرية. الا ان التحركين العربيين لم يأخذافي الاعتبار بعض الشكليات التي كان على رئيس الحكومة سعد الحريري مراعاتها لكنه تغاضى عنها حرصاً منه على انهاء فيلم التشكيل الطويل متطلعاً الى شوق الناس في رؤية حكومة طال انتظارها لتتولى ادارة شؤونهم وحل مشاكلهم الا أن أصواتًا سنية اعترضت على هذه الشكليات التي رآها الحريري مهمة أساسية في انقاذ الوطن.
بيروت: لم يعد خافياً ان القيادتين السعودية والسورية بذلتا جهوداً كبيرة في المرحلة الأخيرة من عملية تشكيل الحكومة الأولى للرئيس الشاب سعد الدين رفيق الحريري أدت الى ولادتها بشكل طبيعي من دون اللجوء الى عملية قيصرية. وثمة من يشير في قوى الأكثرية وفي القوى المقربة من سوريا الى ان الاتصالات السعودية مع الفريق الأول ، خصوصاً مع الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وأقطاب في 14 آذار تحولت يومية في الايام الثلاثة الأخيرة التي سبقت اعلان التشكيلة ، فيما الاتصالات السورية مع الفريق الثاني التي نشطت هي الأخرى فتمت عبر عدد من ابرز حلفائها بينهم الوزير السابق سليمان فرنجية ونائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي كما كشف عن ذلك الوزير السابق وئام وهاب في حديث تلفزيوني.
في الجانب الأول تركز البحث في كيفية التعامل مع مطالب رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون ، خصوصاً لجهة توزير صهره جبران باسيل الذي تولى وزارة الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال السابقة برئاسة فؤاد السنيورة ، مع الأخذفي الاعتبار قرار الرئيس الحريري بعدم توزير الراسبين . وقد تمنى المفاوض السعودي على الرئيس المكلف التجاوب مع رغبة عون مع إعلامه ان المفاوض السوري تكفل بتولي حلفائه مهمة اقناع الجنرال بغض النظر عن عودة باسيل الى وزارة الاتصالات ، كما أبلغ المتصلين به بتخلي quot;حزب اللهquot; عن وزارة العمل التي كان يتولاها الوزير محمد فنيش لتحط بين يدي الوزير بطرس حرب الذي قبلها على مضض بعد ان كان متشبثاً بالحصول على وزارة الاعلام التي أبقيت في عهدة الوزير السابق ndash; اللاحق طارق متري.
وذكرت معلومات صادرة عن أركان في الأكثرية ان التحرك السعودي الذي بدا مصمماً على تأليف الحكومة في أسرع وقت ولاقاه في ذلك التوجه السوري لم ينتبه ربما لبعض quot;الشكلياتquot; التي كان على الرئيس الحريري مراعاتها لكنه تغاضى عنها حرصاً منه على إنهاء فيلم التشكيل الطويل متطلعاً الى شوق الناس في رؤية حكومة طال انتظارها لتتولى ادارة شؤونهم وحل مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية والمالية والانسانية التي عبر عنها صراحة في كلمته الأولى بعد الاعلان عن الحكومة.
واذا كان الحديث عن هذه quot;الشكلياتquot; لم يثر مع لحظات الفرح بظهور الحكومة والتقاط الصورة التذكارية لأعضائها والبدء بصياغة بيانها الوزاري فإن التداول بشأنها أخذ يلوح في أفق الأوساط والأندية السياسية التي راحت تبدي استغرابها لقيام الرئيس المكلف سعد الحريري بزيارة العماد عون في منزله في الرابية ليتبلغ منه اسماء وزرائه المقترحين لتولي الحقائب المخصصة لهم وإن تمت الزيارة في إطار دعوة غداء ، وقيام عون بعد مغادرة ضيفه بتلاوة أسماء وزرائه والحقائب المسندة إليهم على الصحافيين وكأنه بذلك يذيع ربع المرسوم المتعلق بتشكيل الحكومة.
وفي هذا الإطار سُمع نائب بيروتي سابق من الطائفة السنية يتحدث بصوت عالٍ في حفل استقبال أقيم في أحد فنادق العاصمة أمس قائلاً quot; إن دولة الرئيس سعد الحريري ، رئيس حكومة كل لبنان ، والزعيم السني الأول فيه أخطأ في ذهابه الى بيت quot;الجنرالquot; وكان على الأخير ان يأتي اليه أو يوفد من ينتدبه للبحث في هذا الموضوع والتشاور بشأنه quot; .
واللافت ان نائباً بيروتياً من الطائفة نفسها ، وفي الحفل نفسه ، ولدى سؤاله عن رأيه في ما أدلى به زميله السابق أجاب بسرعة : quot; نعم .. هو محق في ما قال ، نعم .. ما كان على الرئيس الحريري ان يزور العماد عون في ذلك اليوم وقبل ساعات من صدور مراسيم تأليف الحكومة . وهذا الأمر قد يخلّف تداعيات لكن ما من أحد في الوقت الحاضر يريد ان ينغّص انطلاقة الحكومة التي يؤمل منها الكثير quot;.
هذا وكان رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص قد تطرق في تصريح له الى بعض هذه quot;الشكلياتquot; إذ قال quot; سمعنا أحدهم يقول ان الرئيس سعد الحريري حدّد قواعد جديدة للتأليف أما ما فعله حقيقة فهو انه ترك لكل فريق ممثلاً برئيسه تسمية الوزراء وتحديد مقاعدهم الوزارية. ولئن كان هذا مفهوماً الى حد ما بالنسبة الى حكومة إئتلافية فهو ليس مستساغاً على الاطلاق في تأليف الحكومات العادية ، إذ هو يعتبر إفتئاتاً على صلاحيات رئيس الوزراء quot;. وابدى الحص ايضاً استغرابه للزيارة التي قام بها الحريري الى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير قبل اعلانه الحكومة (وبعد زيارة عون) لافتاً الى quot; أن زيارة غبطته واجبة في كل حين الا ان الزيارة في توقيتها قد تحمل مضامين غير مرغوبة ، لا من جانب البطريرك ولا من جانب الرئيس المكلف quot;.
مهما يكن من أمر ورغم الأصوات المعترضة على ما قام به الحريري قبل ساعات من خروج حكومته الى النور، فان العالمين بتوجه الرئيس الشاب والمتابعين لخط سيره خصوصاً بعد التكليف الثاني يدركون جيداً ان إبن الرئيس رفيق الحريري عاهد نفسه والناس بأن يشكل حكومة quot; إنقاذ وطني quot; ومن هنا يفهم عدم توقفه عند quot;شكلياتquot;خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمصير وطن تهون معه التضحيات . فيما التضحيات التي قدمها أكبر منها بكثير ...
التعليقات