مع بداية إنحسار إحتجاجات المعارضة حول نتائج الإنتخابات
الإعلام الأميركي يدرس ردود الفعل العربية على الأزمة الإيرانية
أفشين مولافي- واشنطن: مع بداية الانحسار في احتجاجات الشارع الإيراني بسبب السلطة بدأت وسائل الاعلام الأميركية الرئيسة توجه إهتمامها نحو القضية المتعلقة بتأثير الانتفاضة الإيرانية على الشرق الأوسط الأكبر. في تقرير من القاهرة تصدَّر الصفحة الأولى لصحيفة quot; واشنطن بوست quot; بعنوان quot; ناشطون عرب يتابعون إيران ويتساءلون: لماذا ليس عندنا ؟ quot; ، تنقل الصحيفة اقوال طائفة عريضة من الناشطين الديمقراطيين المصريين الذين يصفون مشاعرهم بـ quot; الحسد quot; ويتمنون لو كانت لديهم ايضا مثل هذه الحركة الاحتجاجية. وفي هذا الاطار قالت كاتبة المدونة المصرية نيرة الشيخ ابنة الثمانية وعشرين عاما: quot; أنا غيورة جدا. لا يسعني سوى التفكير: لماذا لا يحدث ذلك عندنا؟ ما الذي يملكونه ونحن لا نملكه؟ هل هم أشجع منا ؟quot;
تلاحظ مقالة quot; واشنطن بوست quot; ان لدى العديد من الناشطين الديمقراطيين في المنطقة شكوكا عميقة في تعهدات أوباما بالمساعدة. وكان السياسي المصري المعارض أيمن نور يعبر عن آراء الكثير من الناشطين المصريين الذين يرون ان اوباما كان بطيئا للغاية في التجاوب مع الاحتجاجات. ونقلت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; عن نور قوله: quot;ان هذا اختبار لحكومة اوباما. إذا أغمضوا أعينهم عن عدوهم فانهم يستطيعون ان يغمضوا أعينهم عن أي تحرك هنا في مصرquot;.
كاتب المدونة والناشط الديمقراطي احمد عبد الفتاح البالغ من العمر 22 عاما قال لصحيفة quot;واشنطن بوستquot;: quot;كنتُ سعيدا جدا بما يجري في إيران لكني كنتُ حزينا ايضا. فأنا أعرف اني لن استطيع أن افعل ذلك هنا ابدا. إذ اننا نحتاج الى حركة أكبر بكثير منها في إيران لإحداث أي تغيير في مصرquot;. صحيفة quot;واشنطن بوستquot; لاحظت ايضا ان مصر وحكومات عربية سنية أخرى التزمت جانب الصمت من حيث الأساس....رغم توجسها من نفوذ النظام الإيراني لدى جماعات شيعية مسلحة في لبنان والعراق وجماعات اسلامية فلسطينية. ولفتت الصحيفة الى quot;ان بعض المحللين يقولون ان الحكومات قلقة من انفجار هبات شعبية مماثلة في بلدانهاquot;.
في هذه الاثناء نشرت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; ايضا تقريرا من القاهرة يتناول رد فعل الدول العربية على الأزمة الإيرانية بعنوان quot;الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة تستمتع بالغليان الإيرانيquot;. ويقول التقرير: quot;يذهب التفكير المتفائل بالأخبار [بين العرب من حلفاء أميركا] على النحو الآتي: ببقاء السيد احمدي نجاد في السلطة تتضاءل فرصة تحسن العلاقات بين طهران وواشنطن تحسنا كبيرا ، وهو تحسن يخشى حلفاء أميركا العرب انه سيضر بمصالحهم. وفي الوقت نفسه لعل النزاع بشأن الانتخابات أضعف القيادة الإيرانية في الداخل والخارج دافعا اياها الى التركيز على الاستقرار الداخلي ، كما قال محللون سياسيون ومسؤولون سابقونquot;.
كما لاحظ تقرير quot;نيويورك تايمزquot; ان quot;الفوارق الثقافية والاجتماعية بين إيران والدول العربية فوارق كبيرة بحيث لا يوجد احساس بأن الزعماء العرب يخافون من ان يجد مواطنوهم ما يلهمهم على الانتفاضquot;. ونقلت quot;نيويورك تايمزquot; عن كاتب المدونة السعودي احمد العمران قوله quot;ان كثيرا من الشباب في العالم العربي يتمنون ان يروا شيئا من هذا القبيل ولكن نوع المجتمع المدني الذي يعيشون فيه يجعل من الطبيعي أكثر ان يحدث هذا في إيران وليس في مكان مثل مصر أو العربية السعوديةquot;.
وقالت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; ايضا ان quot;اشرطة الفيديو الدراماتيكية التي تصور الإيرانيين يتعرضون للضرب أو نيران الباسيج ألحقت ضررا فادحا بصورة إيران بوصفها الدولة الأنقى دينيا والأكثر شعبوية في المنطقة. كما يبدو من المرجح ان حلفاء إيران في المنطقة بمن فيهم سوريا وكذلك حزب الله في لبنان وحركة quot;حماسquot; في الاراضي الفلسطينية سيتلقون ضربة الى مصداقيتهم ، وربما الى مصادر تمويلهم ايضا إذا تم حل الأزمة الانتخابية بالبطش أو بمواجهة مديدة مع المعارضة ، كما قال محللونquot;.
في هذه الأثناء تتساءل المعلقة المصرية منى الطحاوي في صفحة الرأي في quot;واشنطن بوستquot;: quot;هل تسمعون صمتا من العالم العربي إزاء الأحداث الإيرانية؟quot; وتكتب الطحاوي: quot;لنبدأ بالزعماء العرب الخبراء في تزوير الانتخابات ـ إن هم أجروا انتخابات أصلا. ما الذي بمقدورهم ان يقولوه عن الانتخابات الإيرانية أو المزاعم القائلة بتزوير الاصوات دون ان يبدوا منافقين؟ كما انهم لن يسارعوا الى تهنئة غريمهم القديم محمود أحمدي نجاد ، قائد دولة منافسة لديها مطامح نووية في المنطقةquot;.
وتتابع قائلة quot;ان العرب صامتون ولكن المؤكد ان صمتهم معجون بعدم الارتياح. فان التركيب السكاني في غالبية البلدان العربية يعكس تركيب إيران: غالبية العرب شباب ومن المرجح ان الكثير من الشبان العرب يشاهدون آلاف الإيرانيين وهم يطالبون بأن يُسمع صوتهم فكان العرب المكتومة انفاسهم على أيدي حكامهم الدكتاتوريين يشاهدون ويفكرون: quot;هذا أناquot;.
تقول الطحاوي ايضا: quot;ان ما يجري في إيران لا يتعلق بالولايات المتحدة أو اسرائيل. انه لا يتعلق بأحمدي نجاد أو مير حسين موسوي ، وهو لا يتعلق حتى بالفقراء أو الأثرياء في إيران. فالتظاهرات تتعلق بمواطنين يشعرون بتجاهل ارادتهم وصوتهم. وفي مصر فان دكتاتورنا العلماني الذي يمسك مقاليد السلطة منذ قرابة 28 عاما هو الذي يتجاهل ارادتنا. وفي إيران انه النظام الديني الذي يحكم منذ 30 عاما ، متسترا وراء اللهquot;.
في صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; يلاحظ تقرير من اسطنبول بعنوان quot;الأزمة تهز ميزان القوى في الشرق الأوسطquot; ان النظرة التي ترى إيران quot;قوة اقليمية صاعدةquot; دحضتها الأحداث الأخيرة. quot;وان المشاهد التلفزيونية الحية على امتداد الاسبوع الماضي مصوّرة قوى الأمن الإيرانية وميليشيا الباسيج تضرب وتقتل محتجين عُزلا بينهم نساء ، في شوارع طهران ، لطخت صورة الجمهورية الاسلامية التي جرى رسمها بعناية فائقة بوصفها مدافعة عن المظلومينquot;.
ونقلت quot;وول ستريت جورنالquot; عن وزير الخارجية التركي السابق إلتر تركمان قوله quot;ان سمعة النظام تضررت. ولم تعد إيران كما كانت ـ إيران تبدو فجأة للجميع بلدا ليس بتلك الدرجة من النجاح داخلياquot;. حتى جماعة الاخوان المسلمين في مصر التي كان قادتها يكيلون المديح لآراء السيد احمدي نجاد الراديكالية ، تبدو وكأن الغليان عقد لسانها ، كما لاحظت quot;وول ستريت جورنالquot; ويقول مسؤول المكتب السياسي للجماعة عصام العريان quot;ان الناس مشوشون بشأن ما يجري في إيرانquot;. ويوضح قائلا: quot;من جهة يشارك كثير من العرب السيد احمدي نجاد عداءه لاسرائيل والولايات المتحدة ولكنهم ايضا يبدون اعجابهم بشجاعة المحتجين الإيرانيين ويمكنهم الارتباط بقضيتهم لأن الانتخابات في غالبية البلدان العربية إما تكون زائفة أو لا تُجرى بالمرةquot; ، كما يضيف العريان.
واختتم العريان بالقول quot;ان الإيرانيين أخفقوا في محاولتهم تصدير الثورة الاسلامية خلال السنوات الثلاثين الماضية ولكنهم ربما يستطيعون الآن تصدير نموذجهم للاحتجاجات السلمية. وسيكون هذا أمرا بالغ الخطورة على الأنظمة العربيةquot;. ماذ ستفعل quot;حماسquot; وحزب الله؟ يرى غسان الخطيب الوزير السابق في السلطة الفلسطينية وعضو وفدها الى مفاوضات السلام سابقا quot;ان مؤيدي quot;حماسquot; سيبقون متعاطفين مع إيران بصرف النظر عن كل شيquot; ، كما تنقل عنه quot;وول ستريت جورنالquot; فيما يستمر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في الدفاع بضراوة عن احمدي نجاد.
التعليقات