تلحظ إحدى الوثائق الصادرة من ويكيليكس أنّ التسييس يقف عائقًا أمام نجاح الجهود المغربية لمكافحة الإتجار بالمخدرات.


إيلاف، الرباط: منذ اعتقال الشرطة المغربيّة 16 شخصًا بتهمة الاتجار بالمخدرات في 14 آب (أغسطس) الماضي، دأبت الصحافة المغربية على تقديم تقارير منتظمة حول الجهود التي تبذلها الحكومة لوقف تجارة المخدرات وإلقاء القبض على المشتبه في تورطهم.

وقد نشر الإعلام المغربي وثيقة عن ويكيليكس تضمنت تلميحات واتهامات بتورط شخصيات رفيعة المستوى ومسؤولين سابقين وحاليين في تجارة المخدرات، كما أشارت التقارير إلى أن الحكومة المغربية ضبطت كميات من حشيشة الكيف تتراوح بين 110 و140 طناً، جزء منها وجد طريقه إلى شوارع المغرب.

ومع بداية شهر رمضان، تناقلت وسائل الإعلام المغربية خبرًا مفاده أنّه تمّ إلقاء القبض على وزير الدولة السنغالي كريم واد، نجل الرئيس السنغالي عبد الله واد بتهمة تجارة المخدرات، الأمر الذي أشغل النقاشات والتحليلات على المستويين الإعلامي والسياسي.

ونقلت وثيقة ويكيليكس عن بيان صادر من جهاز الأمن الوطني أنّه في إطار عمليّة واسعة النطاق شملت مختلف أنحاء المغرب في تاريخ 14 آب (أغسطس) الماضي، ألقت الشرطة القبض على 16 شخصاً يشتبه في تورطهم في الترويج للمخدرات، وضبطت كميّة كبيرة من المخدرات الصلبة، فضلاً عن وثائق مزورة، وضمنها بطاقات هوية ورخص قيادة، كما صادرت الشرطة مركبات آلية ومعدات أخرى.

وأوضح مصدر في الشرطة لإحدى الصحف المحلية اليومية أن العديد من الاعتقالات جرت في مدينتي تطوان والناظور في شمال البلاد، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تسفر التحقيقات عن الكشف عن معلومات أخرى حول quot;واحدة من أكبر الاعتقالات في تجارة المخدرات لهذا العامquot;.

تأتي الإجراءات الامنية المشددة في أعقاب عملية واسعة النطاق حصلت في وقت سابق من العام الجاري، عندما اعتقلت الشرطة المغربية أكثر من 100 شخص بتهم الاتجار بالمخدرات في منطقة الناظور. وشملت تلك الاعتقالات أفراداً من الشرطة والضباط ورجال الأمن والبحارة والجنود. لكن موعد المحاكمة لم يتعيّن حتى اليوم، فيما تواصل النيابة التحقيق في تطورات القضية.

وصرح المدعي العام في محكمة الدار البيضاء بتاريخ 25 آب (أغسطس) أن العدالة الجنائية تنطبق على الأشخاص الـ25 الذين يثبت تورطهم في الاتجار بالمخدرات بغضّ النظر عن انتماءاتهم أو ألقابهم ومناصبهم.

وللتأكيد على أن لا أحد فوق القانون، تناولت وسائل الإعلام في 31 آب (أغسطس) خبر اعتقال عضو سابق في البرلمان يدعى محمد جواهي، يعتبره البعض أحد أكبر تجار المخدرات وأكثرهم قوة. وكان جواهي، وربما لا يزال، أحد أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار في المغرب، لكن بعض التقارير الصحافية تشير إلى أنه سرعان ما أعلن عن استقالته من الحزب.

وتشير الوثائق إلى حالة القمع المستمرة، التي من المرجّح أن تطال عددًا من السؤولين رفيعي المستوى ورجال الأمن والضباط والمحامين في مناطق عدة من البلاد. وترجح أوساط صحافية أن الحملة الحالية ضد تهريب المخدرات في البلاد بدأت بناء على أوامر من أعلى المستويات، وتفيد أن أحد المسؤولين الكبار في الشرطة في مطار الدار البيضاء قد أقيل فجأة من منصبه، وأعيد تعيينه بعد الحدّ من صلاحياته، في ليون - الصحراء الغربية.

تتباين الأسباب حول هذا التعيين المفاجئ، فيما تشير التكهنات إلى أن الأمر مرجّح لسببين: أولهما لأن المسؤول الكبير قد أوقف أحد أقرباء زعيم أفريقي بسبب حيازته المخدرات، والثاني هو أنه أقيل بسبب سلسلة من الأخطاء المهنية غير المحددة، وربما لفضيحة جنسية. لكن التقارير الاستخباراتية تؤكد أن السبب الأول قد يكون صحيحاً، وأن الشخص الذي تم إيقافه هو وزير الدولة السنغالي كريم واد، نجل الرئيس السنغالي عبد الله واد.

وتم ضبط الوزير واد بعدما عُثر في حوزته على حشيشة الكيف أثناء دخوله طريق المطار الأمنية. ومن المعروف عن نجل الرئيس السنغالي أنه صديق الملك محمد السادس، الذي انزعج من إجراءات السلطات المحلية التي لم تبلغه باعتقال واد، فأقيل المسؤول الكبير، وتم تعيينه في مكان آخر.

وفي حين أن التقارير تشير إلى أن السلطات المغربية تبذل جهوداً كبيرة لوقف تجارة المخدرات، يبدو أن هذه الجهود ليست بمنأى عن التسييس. فنظراً إلى أن القبض على كريم واد، نجل الرئيس السنغالي، يمكن أن يهدد العلاقات بين المغرب والسنغال، قد يكون انزعاج الملك من عملية الاعتقال مفهوماً بطريقة ما. لكن تبقى الجهود لمكافحة تعاطي وتجارة المخدرات في المغرب مرتبطة بالنفعية السياسية.